دمشق- علي إسماعيل:
وصل وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني إلى واشنطن حاملاً معه آمالاً كبيرةً في تحقيق تطلعات شعب أرهقته عقود عجاف من زمن نظام باد وانتهى.
زيارة تحسب في موازين السياسة بالتاريخية لسببين رئيسيين، الأول أنها تأتي بعد قطيعة دبلوماسية بين البلدين امتدت لأكثر من عقدين ونصف، فهي تعد الزيارة الأولى لوزير خارجية سوري إلى واشنطن، حيث كانت آخر زيارة من هذا النوع في ديسمبر 1999، عندما زار وزير الخارجية السوري آنذاك فاروق الشرع البيت الأبيض، لإجراء محادثات سلام مع إسرائيل، والسبب الثاني ما تحمله هذه الزيارة من ملفات جوهرية وعناوين مفصلية في توقيت حساس تسعى فيه سوريا إلى إعادة بناء علاقاتها الدولية، خاصة مع الولايات المتحدة.
ملفات الزيارة
إذا كان العنوان الأبرز للزيارة هو مناقشة رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، والتي تمثل عائقًا كبيرًا أمام جهود إعادة الإعمار والتنمية، فإن ملف التعاون الاقتصادي والإنساني حاضر وبقوة، لأن إعادة العلاقات السورية الأمريكية إلى المسار الصحيح يفتح آفاق تنشيط القطاعات الإنتاجية، وبالتالي تحقيق نوع من الاستقرار النقدي، وتعزيز احتياطات البنك المركزي، مما قد يسمح للحكومة بإعادة هيكلة الاقتصاد، وتحقيق نمو مستدام خاصة أن هناك اهتمام متزايد من الجانب الأمريكي في الاستثمار في سوريا، وتحديدا في مجالات الصحة والطاقة والبنية التحتية، والتي تمثل فرصًا كبيرة للتعاون.
بالإضافة لكل ما يتعلق بالقطاع المصرفي والمالي، وما ينتج عنه من اندماج البنوك السورية في النظام المالي العالمي، وتسهيل حركة السيولة الخارجية القائمة على التجارة الدولية، وصولا إلى تنشيط قنوات الاستثمار والتمويل بعد شلل كامل في هذه القنوات، فإذا استطاعت هذه الزيارة تحقيق هدف إزالة العقوبات فإنها ستعيد الحياة للاقتصاد السوري بأذرعه التجارية والصناعية للوصول إلى تنمية اقتصادية شاملة تنعكس على التنمية الاجتماعية والإنسانية.
توقيت الزيارة..
تكتسب زيارة الوزير الشيباني إلى واشنطن زخماً إضافياً، كونها تأتي قبل أسابيع من المشاركة التاريخية للسيد الرئيس أحمد الشرع، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما تمثله هذه المشاركة من فرصة كبيرة لسوريا لتقديم نفسها كدولة مستعدة لإعادة نسج علاقاتها الدولية والانفتاح على دول العالم، وتعزيز قيم الحوار والتعاون مع القوى الكبرى، وأبرزها الولايات المتحدة الأميركية، فرسالة دمشق الدبلوماسية واضحة بأنها مستعدة لمد جسور الحوار مع واشنطن على أساس الاحترام المتبادل، وهو ما يُعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في كامل المنطقة.
التحديات والفرص
رغم الآمال الكبيرة المرتبطة بهذه الزيارة، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، فهناك شكوك حول مدى استعداد واشنطن لتخفيف العقوبات، خاصة في ظل الضغوط السياسية الداخلية، كما أن المفاوضات مع إسرائيل حول اتفاق أمني جديد قد تواجه عقبات، خاصة في ظل التعقيدات السياسية في المنطقة.
لذلك تمثل زيارة وزير الخارجية والمغتربين إلى واشنطن، نقطة تحول في العلاقات السورية الأمريكية، في حال تم التعامل معها وفق الأهداف المرجوة وبالحنكة السياسية المعتادة للقيادة السورية، والتي قد تفتح آفاق التعاون في مختلف المجالات لاستثمارها بفاعلية وبما يسهم في استقرار سوريا والمنطقة.