الثورة – ميساء العلي:
أسئلة كثيرة تُطرح في الوقت الحالي حول مستقبل القطاع العام الاقتصادي في سوريا بعد التحرير منها، على سبيل المثال إمكانية إصلاح هذا القطاع في ظل الظروف الاقتصادية الحالية أو التفكير بالشراكة مع القطاع الخاص كخيار بديل في ظل نقص الموارد المالية خاصة، وأن بعض شركات القطاع العام لا جدوى من إصلاحها، أو حتى الذهاب إلى خصخصة هذا القطاع، مما يرفضه البعض كون القطاع العام الاقتصادي في سوريا يشكل نحو ثلث حجم الاقتصاد السوري، أي أنه يسهم تقريباً بثلث الناتج المحلي الإجمالي الذي هو المؤشر الحقيقي للنمو.
حامل للتنمية
يرى المحلل الاقتصادي شادي سليمان في حديثه لـ”الثورة” أن نشاط هذا القطاع هو من أحد الحوامل الرئيسية للتنمية المادية والاجتماعية (المستدامة) في سوريا، عندما يكون في أدائه متوازناً، إلا أنه وخلال العقدين الماضيين لم تتم ترميم وصيانة وتجديد خطوطه الإنتاجية، ولا التوسعة في المطارح المنتجة المجدية اقتصادياً في مفاصله، لأسباب أهمها الاعتقاد الخاطئ بعدم جدوى الدور الاقتصادي للدولة لمصلحة القطاع الخاص، والمحصلة هي تراجع القطاع الاقتصادي العام من دون أن يستطيع القطاع الخاص ملء مكانته الإنتاجية النوعية والكمية، فتراجع بسبب ذلك الاقتصاد السوري نتيجة إهمال إصلاح القطاع العام.
خطة شاملة
سليمان يوافق الرأي بضرورة إلغاء نشاط المنشآت (المدمرة) و(الخاسرة) و(الهامشية) والتي تتطلب رؤوس أموال ضخمة لإعادة الإنتاج فيها، وعدا ذلك فإن الإصلاح أصبح ضرورة قصوى من حيث استمرار القدرة والطاقة الإنتاجية ومن حيث القدرة على التسويق.
ويتابع كلامه:” على أن كل ذلك في إطار خطة شاملة كاملة متكاملة لإصلاح القطاع العام عموماً, والاقتصادي على وجه الخصوص، تتبناه الدولة بموجب قوانين وتشريعات واضحة ومتكاملة بمعنى يجب النظر اليوم لملف إصلاح القطاع العام الاقتصادي في سوريا بعد التحرير بشكل مختلف يتناسب والتحديات المستقبلية القادمة، ولاسيما بعد التوقيع على عدد كبير من مذكرات التفاهم للاستثمار في سوريا بالقطاعات الحيوية الهامة”.
ومن وجهة نظر سليمان، فإن تحسين أداء وفعالية عمل القطاع العام الاقتصادي يقتضي ضرورة إعادة النظر في الخطط الإنتاجية للقطاع العام الصناعي، وإعادة النظر بالتشريعات والقوانين إضافة إلى تطوير الكفاءة الفنية الإدارية في الإدارات العامة الإنتاجية والخدمية، وإعادة النظر بتعويضات وحوافز ومكافآت العاملين في هذا القطاع.
إن واقع وإمكانيات ونقاط قوة الاقتصاد والمجتمع السوري يقتضيان التركيز على قطاعي الزراعة والصناعة التحويلية كونهما سيحفزان نمو القطاعات الأخرى بموجب تفاعل تنموي تبادلي فالوقت لا ينتظر ولابد من البدء بذلك.
