الثورة – وعد ديب:
في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، يتطلع القطاع الصناعي إلى لعب دور محوري في تحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي، يتطلب من الصناعيين زيادة الإنتاج والعمل على تحقيق وفورات إنتاجية تنعكس إيجاباً على حركة الأسواق، وتوفير فرص العمل، فضلاً عن تحقيق فائض تصديري يعزز من مكانة الاقتصاد الوطني.
سؤال طرحته “الثورة”.. ما الدور الذي يلعبه القطاع الصناعي لتعزيز النمو الاقتصادي.. وما أبرز العقبات التي تعترض الصناعيين؟
آراء
المهندس عمار العلي أحد كبار الصناعيين قال: إن زيادة ساعات الإنتاج ليست مجرد خيار بل ضرورة حتمية لتعزيز تنافسيتنا في الأسواق المحلية والدولية، فالوفورات التي نحققها من خلال الإنتاج المستمر ستتيح لنا فرصاً أكبر للتصدير، وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.
من جانبه، أوضح خالد منصور، مدير مصنع للصناعات الغذائية، أن “الاستثمار في الطاقة الشمسية بات ضرورة، رغم ارتفاع تكلفته الأولية، فهو يساهم بشكل كبير في خفض تكاليف الإنتاج على المدى الطويل، وهو ما يمكننا من تخفيف العبء على الصناعة، وتحسين جودة منتجاتنا”.
وأكدت، ليلى حمود، سيدة الأعمال، أن “ضعف القوة الشرائية للمستهلك يمثل أكبر تحدٍ يواجهنا اليوم، إذ يقتصر الطلب على المنتجات الأساسية فقط، وهذا يعيق حركة الأسواق، ويقلص من حجم الإنتاج المحلي، لذا نطالب ببرامج دعم لتقوية الطلب الداخلي وتحفيز الاستهلاك”.
ولم ينكر الصناعي محمد فريق، أن شح السيولة المالية وغياب الثقة بالقطاع المصرفي يعطل حركة الاستثمار والإنتاج، وإن إدخال العملة الجديدة وتحسين إدارة النقد يمكن أن يعيد النشاط الاقتصادي وينعش القطاع الصناعي، شرط أن تتواكب هذه الخطوات مع دعم مالي وتشريعي مستمر.
مفتاح الوفورات
نائب رئيس غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، وفي تصريح لـ”الثورة” قال: إن زيادة ساعات العمل ضمن دوامات طويلة قد تصل إلى 16 أو 18 ساعة يومياً تُسهم بشكل مباشر في رفع حجم الإنتاج، ما ينعكس على تقليل تكلفة الوحدة المنتجة.
وتابع: على الرغم من ارتفاع بعض التكاليف الثابتة والمتغيرة، إلا أن زيادة الإنتاج تتيح تحقيق قدرة تنافسية مرتفعة للسوق المحلي والخارجي، مما يفتح آفاقاً جديدة للتصدير، وتحقيق فوائض اقتصادية.
وأوضح نائب رئيس غرفة تجارة دمشق، أن كل صناعة تحمل خصوصياتها، فبعضها يحتاج إلى مستلزمات طاقة عالية، بينما تعتمد صناعات أخرى على حلول الطاقة المتجددة كالألواح الشمسية، والتي تشكل استثماراً كبيراً تدخل ضمن عناصر التكلفة الثابتة، ما يتطلب تخطيطاً دقيقاً لإدارة الموارد والتكاليف.
تحد يؤثر على حركة الأسواق
وبحسب الحلاق، يمثل ضعف القوة الشرائية لدى المستهلكين تحدياً حقيقياً أمام انتعاش الأسواق، حيث يكاد المستهلكون يكتفون بتأمين احتياجاتهم الأساسية، خاصة السلة الغذائية التي تضم نحو أربعة وعشرين عنصراً، أغلبها مستورد مثل الزيوت والسكر والفيول، هذا الاعتماد على الاستيراد يحد من تحقيق وفورات إنتاجية داخلية، ويضعف الطلب على المنتجات المحلية.
ويقول: يؤدي ضعف القدرة الشرائية إلى تراجع حركة الشراء، ما يحد من دوران الأموال، ويؤثر سلباً على إنتاج الصناعات المحلية، ويقلص فرص التوظيف والدخل، في دوامة اقتصادية معقدة تستلزم حلولاً عاجلة.
وأضاف: تفاقمت أزمة شح السيولة في الأسواق خلال الأشهر الماضية، وسط تراجع الثقة في القطاع المصرفي وصعوبة الحصول على التمويل اللازم.
هذا الواقع أثر على قدرة الشركات، بل والحكومة أيضاً، على الوفاء بالتزاماتها المالية، مما وضع الاقتصاد الوطني في وضع حرج.
وأشار إلى أنه على الرغم من إدخال العملة الجديدة إلى التداول، والتي يُأمل أن تساهم في تحريك الاقتصاد، مازالت المخاوف قائمة، والكلام الحلاق، بشأن حجم النقد القديم المتداول، ومدى تأثيره على استقرار السيولة، وثقة المتعاملين في القطاع المالي.
وبرأي الحلاق، أن إعادة ضخ الأموال إلى المستحقين بشكل فوري تُعد خطوة ضرورية لاستعادة نشاط الأسواق، رغم تعقيدات العملية المالية التي تشبه في طبيعتها حركة معقدة تتطلب تنسيقاً دقيقاً.
متوقعاً أن يؤدي تبديل العملة إلى تعزيز مرونة الاقتصاد وتحفيز حركة التداول، ما سيساعد على تحقيق انتعاش اقتصادي سريع ضروري للحفاظ على توازن السياسة الاقتصادية والسياسية.
قوة الاقتصاد
بدوره الخبير الاقتصادي حسين إبراهيم، قال: تشير الخبرات إلى أن الاقتصاد القوي هو العمود الفقري لسياسة داخلية وخارجية قوية ومستقرة، بينما يؤدي الاقتصاد الضعيف إلى تراجع السياسة، ما قد ينعكس على الاستقرار الحكومي والاجتماعي.
ويتابع: بناءً على ذلك، فإن تسريع عملية التعافي الاقتصادي من خلال دعم الصناعات المحلية، وتنشيط الأسواق هو مطلب أساسي لتحقيق استقرار سياسي داخلي، وتعزيز مكانة الدولة على الساحة الدولية.
وبرأي، الباحث الاقتصادي، فإنه في ضوء ما تقدم، يتوجب على الصناعيين تكثيف جهودهم بزيادة الإنتاج، والاستثمار في تحسين كفاءة الطاقة وتقليل التكاليف، ولاسيما عبر الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مع تحسين إدارة الموارد، كما يجب التعاون مع الجهات الحكومية لتوفير دعم مالي ولوجستي مستدام، وتحسين بيئة العمل بما يعزز السيولة، ويسهل عمليات التمويل.
وعلاوة على ذلك، برأي حسين، يجب التركيز على تطوير الصناعات المحلية والحد من الاعتماد على المستوردات، بهدف تحقيق وفورات إنتاجية حقيقية وتنشيط الأسواق الداخلية، بما يضمن استدامة النمو الاقتصادي، ورفاهية المواطن.
ويختم حديثه.. يبقى تعزيز الصناعة الوطنية، وتذليل العقبات الاقتصادية المالية تحدياً مشتركاً يتطلب تضافر جهود القطاعين العام والخاص، لضمان تحقيق الانتعاش الاقتصادي المنشود، ودعم استقرار الوطن في ظل الأوضاع الراهنة.