الثورة – علا محمد:
حين تتلاقى القلوب على كلمة “وفاء”، يتحول التبرع من مجرد دعم مالي إلى رسالة محبة وصمود، تجدد العهد لإدلب، تلك المدينة التي صمدت شاهدة على الثورة.
حملة “الوفاء لإدلب” ليست مجرد مبادرة إنسانية، بل واجب وطني يعيد الحياة ويجمع السوريين في الداخل والخارج، وهو الانطباع الذي عبّر عنه طلاب جامعة إدلب وأساتذتها في حديثهم لصحيفة “الثورة”، معتبرين أن الحملة خطوة تحمل معنى الحياة من جديد ونداءً لوحدة السوريين.
انطلاقة الطلاب
وسط أروقة جامعة إدلب، بدا الحماس الطلابي واضحاً، صورةٌ جسدتها عميد كلية الصيدلة الدكتورة صفاء علولو، التي اعتبرت الحملة فكرة جيدة وناجحة، ولاسيما في ظل الانطلاقة الجديدة للحكومة والوقوف بجانبها لدعم بناء سوريا الجديدة، مشيرة إلى أن للطلاب أدواراً متعددة تشمل المشاركة بالتبرع من المقتدرين، والمساهمة في التنظيم والترتيب والإعداد للحملة أثناء انطلاقتها، فضلاً عن توعية المجتمع وأهاليهم للمشاركة وإعادة الحياة لمناطقهم.
كما لفتت إلى أن الكثير من أهلنا في الخارج ينتظرون مثل هذه الحملات ليكون لهم بصمة في بناء الوطن، وتخفيف مأساة الحرب والمخيمات عن أهلهم في الداخل، وفي الوقت نفسه، تعزز هذه المبادرات روابط المحبة والتكاتف وتدعم فكرة السلم الأهلي وبناء الوطن بمشاركة السلطة والشعب، مع التأكيد على أهمية اختيار المشاريع التي تحتاجها إدلب وجذب المستثمرين وتقديم التسهيلات لهم لتأمين فرص العمل لأبناء المحافظة، مع توزيع المشاريع بشكل أولوي وعادل.
على صعيد آخر، يبرز الاهتمام الإعلامي للحملة كعامل محوري لتعزيز التفاعل المجتمعي، في هذا السياق، أشار عميد كلية طب الأسنان الدكتور حسام الإسماعيل، إلى أن مساهمة الجامعة عبر معرفاتها الرسمية وحث الطلاب والكادر على النشر الإعلامي يبرز دورها في بناء الجيل الثوري الذي احتضنته وأعدته إعداداً جيداً، والذي بدأت نتائجه تظهر في إدارة سوريا بعد التحرير، إلى جانب المساهمة المالية إن أمكن.
كما أوضح أن الجاليات في الخارج غالباً ما تكون الأكثر قدرة على تقديم الدعم المالي لإعادة إعمار إدلب، مؤكداً أن الحملة تلعب دوراً فعالاً في تعزيز اللحمة بين أبناء سوريا في الداخل والمهجر، وترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية، مع الإشارة إلى أن القيادة تحدد صرف المبالغ في المشاريع الأكثر استدامة حسب أولويات الدولة.
التكافل وروح العطاء
ومع تصاعد أصداء الحملة بين الطلاب، برزت الروح الإنسانية كعنصر محوري، هو ما أوردته الطالبة صبيحة الطويل من كلية العلوم الصحية، مشيرة إلى أن حملة “الوفاء لإدلب” امتداد طبيعي لروح العطاء التي أثبتت نجاحها في الحملات السابقة، فهي دليل حي على أن التكافل بين أبناء الوطن ما زال فعالاً وقادراً على إحداث فرق ملموس على الأرض، كما أوضحت أن المبادرة تعني الكثير، فهي تذكير أن الحدود الجغرافية لا تقطع روابط الأخوة والإنسانية، وأن الوطن ليس مجرد أرض، بل شبكة من العلاقات الإنسانية التي تجمع السوريين في السراء والضراء.
وعلى حد قولها، فإن الطالب الجامعي يمتلك طاقة وحماسة وأدوات تواصل واسعة تمكنه من المشاركة بالتبرع ولو بمبالغ رمزية، أو عبر نشر الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، أو تنظيم فعاليات طلابية لدعمها، بما يوسع دائرة التفاعل ويجذب مزيدًا من الدعم.
بدورها، أكدت الطالبة آية حميدي من كلية الهندسة الزراعية، أن الحملة ستغير الكثير وتساعد أبناء إدلب المتضررين من آثار الحرب، مضيفة: إن محبة أبناء الوطن لبعضهم البعض، ومحبتهم للوطن بمساهمتهم في بنائه تولد القوة وتشعر الجميع بالانتماء، مؤكدة على ضرورة النشر والدعم، لأن رؤية الآخرين يتقدمون على هذه الخطوات تحفز الجميع على المشاركة، مع إمكانية أن يساهم الطلاب بنشر الحملة بين أهله ومعارفه أو تنظيم فعاليات لجمع ما يستطيعون من مساعدات.
الحصن الأخير للثائرين
ومن كلية الصيدلة شدد الطالب شرف الدين شعبان عكوش، على أن حملة “الوفاء لإدلب” ليست مجرد مبادرة إنسانية، بل وفاء لأم الثورة ومنطلق التحرير الذي احتضن الأحرار وحمل لواء الصمود، موضحاً أن نجاح المبادرات السابقة يثبت أن إدلب جديرة بالدعم والعطاء لأنها بقيت الحصن الأخير للثائرين، وأن مساهمة أبناء الوطن في الداخل والخارج بتبرعاتهم تعني أن شريان الثورة ما زال نابضاً وأن إدلب ليست وحدها في الميدان.
ويرى عكوش أن كل مساهمة تمثل موقفاً عملياً ضد القهر وتجسيداً لوحدة الشعب، وأن الطالب الجامعي يمكن أن يكون جزءاً فاعلاً في نجاح الحملة لأنه يحمل وعي الثورة وطاقتها الشبابية، فهو صوت الحملة واليد التي ترفع رايتها، خاتماً بالقول: “إدلب ستبقى الشاهد الأكبر على تضحيات الثورة ووفاء الأحرار، وبفضل الله ثم بصمودها قد أزهر درب الحرية”.
تتجاوز حملة “الوفاء لإدلب” مفهوم التبرع الفردي لتصبح رسالة مجتمعية جامعة، تثبت أن كل مساهمة مهما كانت صغيرة تعيد الأمل وتدفع عجلة البناء، وتجعل إدلب رمزاً للتلاحم والإصرار على إعادة الحياة.