من حقيبتي إلى حلمي.. عامٌ جديدٌ يبدأ

الثورة – مها دياب:

في صباح يوم الأحد الحادي والعشرين من أيلول، تنفست سوريا لحظة جديدة من الحياة، حين فتحت المدارس أبوابها لاستقبال مئات آلاف الطلاب في أول أيام العام الدراسي الجديد، ضمن مشهدٍ مليءٍ بالحيوية، حيث اصطفت الحقائب الصغيرة، وارتفعت أصوات الأطفال، واختلطت مشاعر الترقب بالفرح، والخوف بالأمل. العودة إلى المدرسة تعني أكثر من مجرد بداية فصل دراسي، بالنسبة للأطفال، هو يوم يحمل طعماً خاصاً، فيه يلتقون بأصدقائهم، ويكتشفون معلميهم الجدد، ويبدؤون رحلة جديدة من النظام والتعلم والحلم.. وبالنسبة للأهالي، هو يوم يعيد ترتيب إيقاع البيت، ويضعهم أمام مسؤولية المتابعة والدعم، أما بالنسبة للإدارة والمعلمين، فهو يوم اختبار حقيقي، فيه تُقاس قدرة المدرسة على الاحتضان، التنظيم، والتفاعل. وفي ظل الظروف التي مرّت بها سوريا، من نزوح وحرب وتحديات اقتصادية، يكتسب اليوم الأول للمدرسة معنى مضاعفاً، فهو إعلان أن التعليم مستمر، وأن الحياة تتجدد، وأن الأطفال يستحقون فرصة جديدة، مهما كانت خلفياتهم وظروفهم.

خطة واضحة

مدير مدرسة غصن الزيتون في ريف دمشق نور رزق تقول: بعد استقبال الطلاب وإدخالهم، نقوم مع الموجهات بجولة ميدانية بين الصفوف، للترحيب بأبنائنا والحديث معهم عن أهمية الدراسة والتفوّق والالتزام والانضباط، ومراقبة التفاصيل، والاطمئنان على سير الأمور. وأشارت إلى أن هذا العام يحمل طابعاً خاصاً، بسبب التحديثات التي أقرتها وزارة التربية ضمن خطتها للعام الدراسي ٢٠٢٥- ٢٠٢٦، التي تركز على تنظيم الوقت الدراسي، وتوزيع الحصص بشكل متوازن، مع تقليص الفاقد التعليمي، وتفعيل التعليم المهني في بعض المدارس، خاصة في المناطق الريفية. أيضاً، هناك تسهيلات لتسجيل الطلاب العائدين من الخارج، حتى في حال عدم اكتمال أوراقهم، الأمر الذي يعكس حرص الوزارة على استيعاب الجميع.

وأضافت: نحن نعمل على تطبيق هذه الخطة بدقة، ونعتمد على تقويم مدرسي واضح، يحدد عدد الحصص لكل مادة، ويضمن التوازن بين المواد العلمية والإنسانية، كما نولي اهتماماً خاصا بالدعم النفسي والاجتماعي، خاصة للطلاب الذين عاشوا ظروفا صعبة، وهذا ما شددت عليه الوزارة في تعميماتها الأخيرة. ولفتت رزق إلى أنّ اليوم الأول للمدرسة في سوريا، يعد إعلاناً عن استمرار الحياة، رغم كل الظروف، هو لحظة تلتقي فيها الإرادة مع الأمل، ويبدأ فيها الأطفال رحلة جديدة، محاطة بالرعاية، والانضباط، والتفاعل.

دعم أُسري

الموجهة التربوية عبير درويش، تحدثت عن أهمية دور الأهل في دعم أبنائهم، ومتابعتهم بشكل يومي، مؤكدة أنّ المدرسة لا تنجح وحدها، بل بحاجة إلى شراكة حقيقية مع الأسرة، فالتربية لا تكتمل إلا بتعاون الطرفين. كما وجهت كلمات ترحيب لكل ولي أمر، وطلبت منهم الاهتمام بأبنائهم وتعليمهم احترام الوقت، والانضباط، والتفاعل الإيجابي مع زملائهم، لأن هذه القيم تغرس في البيت أولاً ومن ثم تعزز في المدرسة. وأضافت: نحن نحتاج إلى متابعة من الأهل، وإلى حوار دائم معهم، حتى نتمكن من بناء جيل واعٍ ومسؤول، وإنّ وزارة التربية شدّدت هذا العام على أهمية التواصل بين المدرسة والأسرة، ونحن سنعمل على تطبيق ذلك من خلال اجتماعات دورية، ونشرات تربوية، وخطوط تواصل مفتوحة.

ترحيب دافئ

المعلمة رؤى الدوس، التي كانت من أوائل من استقبلوا الطلاب عند بوابة المدرسة، تحدثت عن أهمية الدخول الأول للطلاب، قائلة: استقبالهم يجب أن يكون إنسانيا، فيه دفء واهتمام، حتى يشعر الطفل أنّه في مكان آمن، نستخدم بطاقات ترحيبية، وننظم ألعاباً جماعية، ونتحدث مع الطلاب الجدد بطريقة بسيطة، الهدف منها كسر الحاجز النفسي، وجعل المدرسة مكاناً محبباً. وأضافت: الطالب الذي يشعر بالترحيب في يومه الأول، يكون أكثر استعداداً للتعلم، وأكثر تفاعلاً مع محيطه، وهذا العام، نركز على بناء علاقة ثقة بين الطالب والمعلم، وهذا يبدأ من لحظة الاستقبال، وهو ما أكدت عليه الوزارة ضمن خطة تحسين البيئة المدرسية.

تفاعلٌ حيّ

فيما المعلمة غادة الصبّان، ترى أنّ التفاعل هو مفتاح النجاح، وتقول: التعليم لا يقتصر على الكتب، بل يحتاج إلى تفاعل حي، يشعر فيه الطالب أنه جزء من العملية التعليمية. وأشارت إلى مبادرات جديدة ستطلق هذا العام، مثل فقرة صباحية يقدّمها الطلاب بعنوان “صباح الخير يا مدرستي”، وحصص أسبوعية للأنشطة التفاعلية، تشمل المسرح والرسم والحوار المفتوح، وأنّ هذه الأنشطة تساهم في تعزيز الثقة بالنفس، وتساعد الطلاب على التعبير عن مشاعرهم، خاصة أولئك الذين عاشوا ظروفاً صعبة.في هذا اليوم، عادت المدرسة لتكون البيت الثاني، ومساحة للدفء، ولدعم، والأمل، والترحيب، ومن أجل أن تصنع فرقاً في حياة الطلاب، فليكن عاماً للعلم، والأمل، والنجاح، نكتب فيه قصصاً جديدة، ونبني فيه جسوراً من الثقة، ونزرع فيه بذوراً من الحلم بمستقبل مشرق.

آخر الأخبار
التحول الرقمي في "الصحة والإنتاج الحيواني".. الرئيس الشرع في أميركا.. فرص استثمارية تتقدم ومناخ اقتصادي يتغير زيارة الشرع إلى واشنطن.. انفتاح عملي على العقول السورية بالمهجر "ساهم فيها ".. إزالة الأنقاض في تل رفعت شمال حلب جهود مكثفة في ريف اللاذقية لاحتواء الحرائق "نساء من أجل السلام".. تعزيز التماسك المجتمعي "صناعة حلب" تجهّز لمعرض خان الحرير للألبسة الرجالية من حقيبتي إلى حلمي.. عامٌ جديدٌ يبدأ المضاد للبكتريا والفطريات.. اختراع جديد باستخدام نبات "اليوكاليبتوس" انطلاقة مؤجلة لقسم الجيولوجيا في جامعة طرطوس الصناعات الهندسية في حلب بين التحديات والطموحات قمة "كونكورديا" منصة للرئيس الشرع لعرض رؤية سوريا للسلام والعلاقات الدولية هل تنهي المؤسسة العامة لبنوك الدم معاناة المرضى في تأمين الوحدات؟ العام الدراسي.. استئناف رحلة الأمل وفاءٌ يزرع الأمل في إدلب خروج مجموعات توليد عن الخدمة يقطع الكهرباء عن القنيطرة مع غياب الأرقام الدقيقة.. البطالة سيف ذو حدين العزوف عن العلاج النفسي.. وصمة اجتماعية أم جهل؟ مشاركة سوريا بذكراه الثلاثين.. "مؤتمر بكين 1995" علامة فارقة في مسيرة حقوق المرأة اليوم الأول في المدرسة.. بداية صغيرة تصنع فرقاً كبيراً