من واشنطن إلى دمشق.. استثمار الكفاءات السورية أولوية وطنية

الثورة – جاك وهبه:

تحمل زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة الأميركية دلالات استراتيجية عميقة، وتأتي في لحظة مفصلية من تاريخ البلاد، إذ يتركز الاهتمام الرسمي على إعادة ربط سوريا بأبنائها في الخارج واستنهاض طاقاتهم المتنوعة باعتبارها قيمة مضافة لمستقبل الاقتصاد الوطني.

وقد شكّلت لقاءات الرئيس مع الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية نقطة مضيئة في هذا المسار، من خلال دعوته الواضحة لأبناء الجالية كي يكونوا شركاء في إعادة إعمار وطنهم، والمساهمة في رفد الاقتصاد بخبراتهم العلمية ورساميلهم المالية وشبكات علاقاتهم الممتدة على الساحة الدولية.

وهنا يبرز الدور المحوري للعقول السورية المهاجرة التي أثبتت حضورها ونجاحها في كبرى المؤسسات العالمية، ما يجعلها عنصراً لا غنى عنه في رسم ملامح النهضة الاقتصادية المقبلة.

استقطاب مصادر التمويل

و من هذه الرؤية، أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية فاخر قربي في تصريح خاص لصحيفة الثورة أن الحكومة اليوم تسعى، وبكل الإمكانيات المتاحة، لإيجاد الحلول الملائمة لتجاوز الوضع المالي والاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد نتيجة التراجع الحاد في مداخيل الخزينة العمومية وتآكل احتياطياتها من النقد الأجنبي، موضحاً أن السلطات المعنية تعمل بشكل متواصل على استقطاب جميع مصادر التمويل الخلاقة للثروة، سواء من الداخل أم من الخارج، مع التركيز بشكل خاص على الإمكانات المالية الكبيرة التي تمتلكها الجاليات السورية المقيمة في ديار الاغتراب.

وبيّن قربي أن هذه المرحلة تمثل انتقالاً نوعياً في مسار السياسات الحكومية، إذ يجري التركيز على استقطاب الجالية السورية باعتبارها ركيزة أساسية في عملية بناء الاقتصاد الوطني، وأكد أن أبناء الجالية السورية، بما يمتلكونه من خبرات علمية وكفاءات مهنية وشبكات علاقات واسعة، قادرون على أن يكونوا ذراعاً قوية تدعم المنظومة الاقتصادية السورية، ليس فقط عبر التحويلات المالية بل أيضاً من خلال إدخال تجاربهم الناجحة ونقل معارفهم المتقدمة إلى الداخل.

مناخ أعمال

وأوضح أن لقاء الرئيس أحمد الشرع مع الجالية السورية في الولايات المتحدة يشكل رسالة بالغة الأهمية، إذ أكد الرئيس على ضرورة استنهاض هذه الطاقات، ودعا أبناء الوطن في الخارج إلى الانخراط في مشاريع إعادة الإعمار، مبرزاً استعداد الدولة لتأمين مناخ أعمال مناسب يضمن استقطاب هذه القوة الاقتصادية النائمة، مؤكداً أن الجالية السورية في الولايات المتحدة وحدها قادرة على إدخال مليارات الدولارات سنوياً عبر تحويلات مالية واستثمارات مباشرة، وهو ما يشكل رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني.

وبيّن الخبير الاقتصادي أن الحكومة اتخذت عدة خطوات عملية في هذا الاتجاه، من بينها التسهيلات الجمركية في النقل البري والبحري والخدمات المرافقة لها، غير أن الحاجة ماسة إلى إجراءات إضافية أكثر جرأة، مثل فتح فروع مصرفية سورية في الخارج لتسهيل عمليات التحويل المالي المباشر، كما أكد ضرورة أن تضطلع السفارات السورية بدور أكبر في التوعية والتحسيس من خلال إشراك المغتربين في برامج اقتصادية واجتماعية، كبرامج الإسكان أو صناديق التقاعد، مع توفير الضمانات اللازمة التي تشجعهم على المشاركة وتعيد ترسيخ ثقتهم بمؤسسات الدولة.

جسر اقتصادي

وأوضح قربي أن المغتربين السوريين يشكلون جسراً اقتصادياً مهماً يمكن من خلاله الاستفادة من شبكات العلاقات الدولية التي راكموها في أسواق العالم، معتبراً أن الدبلوماسية الاقتصادية هي أحد المفاتيح الرئيسة لفتح أسواق جديدة وتسهيل تدفق الاستثمارات نحو سورية، وأكد أن الكفاءات السورية التي تخرّجت من كبريات الجامعات وعملت في أرقى المؤسسات الأوروبية والأميركية قادرة على إحداث نقلة نوعية إذا ما أُتيح لها المجال لنقل خبراتها إلى الداخل.

وبيّن أن استقطاب كبار رجال الأعمال السوريين المقيمين في الخارج، والذين يديرون مؤسسات ضخمة برؤوس أموال تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، يجب أن يكون هدفاً استراتيجياً، فهؤلاء قادرون على تشغيل آلاف العمال وخلق فرص استثمارية كبرى تسهم مباشرة في دفع عجلة الاقتصاد، لكنه أشار إلى أن غياب قنوات التواصل المباشر بين الجالية السورية في الخارج والمؤسسات الوطنية يبقى أكبر عائق أمام تحقيق هذه الأهداف.

لجان متخصصة

وأكد قربي على ضرورة تشكيل لجان متخصصة من وزارتي التجارة والصناعة، بالتنسيق مع القنصليات السورية في الخارج، لوضع برامج دقيقة وشفافة تُعرض على المستثمرين من أبناء الجالية، كما شدّد على أهمية فتح وسائل إعلامية موجهة للمغتربين تربطهم بثقافتهم الأصيلة وتبث روح الانتماء الوطني، بما يعزز شعورهم بالمسؤولية تجاه وطنهم الأم.

وأوضح الخبير في الشؤون الاقتصادية فاخر قربي أن الجالية السورية ليست مجرد قوة مالية وحسب، بل هي قوة اقتصادية شاملة قادرة على إنعاش المنظومة الاقتصادية الوطنية بما تملكه من كفاءات وإمكانيات، مشيراً إلى أن الواجب الوطني يحتم على المغتربين رد الجميل لبلدهم والمساهمة في إعادة بنائه، خاصة في ظل الظروف العصيبة الناتجة عن تراجع الإنتاج المحلي واستمرار آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية منذ سنوات طويلة.

آخر الأخبار
5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي