تحديات تحاصر واقع مدارس إدلب

الثورة – متابعة لينا شلهوب:

تواجه محافظة إدلب في شمال غرب سوريا أزمة تربوية وتعليمية عميقة، نتيجة الدمار الذي لحق بالبنية التحتية التعليمية خلال أكثر من أربعة عشر عاماً من الحرب، ومع بدء العام الدراسي الجديد، تبدو التحديات التي تحاصر المدارس والمعلمين والطلاب متشابكة ومعقّدة، حيث تقف الإمكانيات المحدودة في مواجهة الحاجة المتزايدة لتأمين بيئة تعليمية آمنة وفاعلة.

حجم الدمار بالأرقام

تُشير الأرقام الرسمية إلى أن محافظة إدلب تضم 1923 مدرسة، إلا أن أكثر من 732 مدرسة منها تعرّضت للتدمير الكلي أو الجزئي، وحتى اليوم، لا تزال 170 مدرسة خارج الخدمة بالكامل، فيما تمكّنت مديرية التربية بالمحافظة بالتعاون مع الوزارة من إعادة ترميم وفتح 62 مدرسة جزئياً أو كلياً، إلى جانب ذلك، لا تزال 43 مدرسة متضررة تعمل رغم وضعها غير المؤهّل، ما يعني أن ما يقارب 45 بالمئة من مدارس المحافظة متضررة، وهي نسبة تعكس حجم الكارثة التي أصابت القطاع التربوي، وتوضّح بجلاء الحاجة الملحّة إلى مشاريع إعادة التأهيل.

معالجات مؤقتة

تشرح معاون مدير تربية إدلب جميلة الزير في تصريح لـ “الثورة”، أبرز التحديات التي تعوق إعادة تشغيل المدارس، قائلة: البنى التحتية ضعيفة جداً، وهناك نقص كبير في التمويل، والكوادر الهندسية المتخصصة، إضافة إلى شح اليد العاملة، ورغم بدء بعض مشاريع التأهيل، إلا أن ما خلّفه 14 عاماً من الدمار، لا يمكن إصلاحه في غضون أشهر قليلة.

وتشير إلى أن عدم وجود خطة رسمية شاملة لإعادة ترميم جميع المدارس المدمّرة، يعمّق الأزمة ويجعل الحلول الحالية أقرب إلى المعالجات المؤقتة منها إلى البرامج المستدامة.

أما عن وضع المدارس التي أُعيد فتحها، فتقول الزير: إن هذه المدارس رغم عودتها إلى الخدمة، إلا أنها تعاني من نقص حاد في المقاعد والكتب وعدم تأهيل مرافقها الأساسية، مثل المياه والصرف الصحي والتهوية، لكنها في المقابل تؤكد أن هناك فائضاً من المعلّمين القادرين على تغطية العملية التعليمية، وهو ما يخفّف من أحد أوجه الأزمة، لكنه لا يعوّض عن ضعف البنية التحتية التعليمية.

في ظل الظروف الراهنة

بسبب استمرار إغلاق عدد كبير من المدارس أو عملها بشكل جزئي، بينت الزير أن المديرية لجأت إلى أسلوب التعليم البديل، إذ تم فتح مدرسة في كل قرية تقريباً، إضافة إلى إنشاء مراكز تعليمية بإشراف المجمعات التربوية، وتوضّح الزير أن هذه الخطوة تهدف إلى ضمان عدم تسرّب الطلاب واحتوائهم بقدر الإمكان.

وتتابع قائلة: نحن حالياً نعمل على حصر الاحتياجات من المدارس المتوقّفة، مع دراسة فتح مدارس بديلة مؤقتة حتى استكمال عمليات التأهيل، مضيفة: إن هذه الخطوات، رغم محدوديتها، تساعد على استمرار التعليم وتمنع الانقطاع التام، لكنها تبقى حلولاً إسعافية لا ترقى إلى مستوى التحديات القائمة.

ومن أبرز المشكلات التي تعوق العملية التعليمية اليوم، وفق معاونة مدير التربية، غياب البنية التحتية السليمة، فالكثير من المدارس لا تتوافر فيها شبكات الكهرباء أو المياه أو المرافق الصحية، وهو ما يشكّل خطراً على سلامة الطلاب، كما أن عدداً من المباني المدرسيّة المتضررة لا يزال يستخدم، رغم أنه غير آمن، بسبب غياب البدائل.

أهمية الترميم

فيما يخص دور المنظمات، تؤكد الزير أن بعض الدعم موجود، لكنه قليل جداً مقارنة بالاحتياجات الهائلة، وتشمل هذه المساهمات، تأمين جزء من الكتب والمقاعد، وتمويل بعض مشاريع الترميم الجزئي، إلا أن غياب التمويل المستدام يجعل العملية التعليمية تعتمد بشكل كبير على جهود الأهالي والمبادرات المحلية.

وتطرقت إلى أن إعادة ترميم المدارس ليست مجرد ضرورة هندسية، بل قضية مجتمعية تمس حاضر ومستقبل مئات الآلاف من الأطفال في إدلب، فغياب المباني المؤهلة يهدد بزيادة نسب التسرّب المدرسي، ويضع الطلاب أمام بيئة تعليمية غير صحية، مما يؤثر على تحصيلهم العلمي ونموهم النفسي والاجتماعي، كما أن المدارس تعتبر مراكز اجتماعية أساسية في القرى والبلدات، وغيابها يعني تعطّل أحد الأعمدة الرئيسية للحياة المدنية.

الحاجة إلى خطة شاملة

ونوهت بأنه من الواضح أن الجهود الحالية، رغم أهميتها، لا تكفي لمواجهة أزمة بهذا الحجم، إذ تحتاج إدلب إلى خطة متكاملة لإعادة ترميم المدارس، بجدول زمني واضح وموازنة كافية، مع إشراك المنظمات الدولية والجهات المانحة، كذلك يجب أن تتضمن هذه الخطة معالجة البنية التحتية، وتوفير المستلزمات الأساسية من كتب ومقاعد، إضافة إلى تعزيز برامج الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب المتضررين.

ويبقى التعليم في إدلب عنواناً لمعاناة ممتدة منذ سنوات- حسب معاون مدير التربية، ومع ذلك فإن إصرار الكوادر التربوية والمجتمعات المحلية على مواصلة العملية التعليمية يعكس حجم التمسك بالأمل، إن الاستثمار في إعادة تأهيل المدارس ليس مجرد خطوة إنشائية، بل هو استثمار في مستقبل الأجيال، وضمان لبقاء المجتمع متماسكاً أمام التحديات، مضيفة: لا يمكن أن نعيد بناء ما تهدّم خلال شهور قليلة، لكننا نعمل بما هو متاح حتى لا يحرم أي طفل من حقه في التعلم.

آخر الأخبار
بانة العابد تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال 2025   لبنانيون يشاركون في حملة " فجر القصير"  بحمص  ابتكارات طلابية تحاكي سوق العمل في معرض تقاني دمشق  الخارجية تدين زيارة نتنياهو للجنوب السوري وتعتبرها انتهاكاً للسيادة  مندوب سوريا من مجلس الأمن: إسرائيل تؤجج الأوضاع وتضرب السلم الأهلي  الرئيس الشرع يضع تحديات القطاع المصرفي على الطاولة نوح يلماز يتولى منصب سفير تركيا في دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً  الجيش السوري.. تحديات التأسيس ومآلات الاندماج في المشهد العسكري بين الاستثمار والجيوبوليتيك: مستقبل سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية الأولمبي بعد معسكر الأردن يتطلع لآسيا بثقة جنوب سوريا.. هل تتحول الدوريات الروسية إلى ضمانة أمنية؟ "ميتا" ساحة معركة رقمية استغلها "داعش" في حملة ممنهجة ضد سوريا 600 رأس غنم لدعم مربي الماشية في عندان وحيان بريف حلب من الرياض إلى واشنطن تحول دراماتيكي: كيف غيرت السعودية الموقف الأميركي من سوريا؟ مصفاة حمص إلى الفرقلس خلال 3 سنوات... مشروع بطاقة 150 ألف برميل يومياً غياب الخدمات والدعم يواجهان العائدين إلى القصير في حمص تأهيل شامل يعيد الحياة لسوق السمك في اللاذقية دمشق.. تحت ضوء الإشارة البانورامية الجديدة منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز