كل مكان على القائمة، حين يتعلق الأمر بالترحال، معتنقين مقولة الكاتب الأميركي راي برادبري “انظر إلى العالم، إنه أكثر روعة من أي حلم” أو قول الرحالة بطوطة “السفر يتركك بلا كلمات، ثم يحولك إلى راوٍ للقصص.”
ولكن ليس أي قصة تلك التي نحكيها بعد الذهاب بعيداً ثم العودة مختلفين، سر الاختلاف لأن زيارة تلك الأماكن التي تمتلك نكهة مختلفة تجدد روحك وتمتزج في لحظة معها، متخلياً عن روتينك، تتبعثر كل تلك الاختناقات التي عشتها يوماً، الخيبات التي لاحقتك وامتشقت سيفا وهمياً كي تحاربها بلا جدوى، فإذ بالترحال يأخذك من دون خطط مسبقة، مجرد آثار نحملها من هنا وهناك.
لعل فلسفة السفر، أو السياحة تحمل يقيناً غير قابل للنقض، حتى وإن لم تمتلك فائضاً نقدياً يمرر إليك بسهولة، ولكن أن تجدد مسارات حياتك، ولو عبر ترحال داخل البلد ذاتها، فأنت لا تدفع لقاء خدمة مادية، إنما هي فلسفة شراء من نوع خاص.
عبر الترحال تصبح ذاتك أغنى، وأفكارك أقل تحاملاً وتعنتاً، وتنفلت منك العقلية الضيقة في التعاطي عن قرب مع آخر مختلف عنك كلياً، ما يسمح لك باختبار حقيقي للتعايش والانفتاح على حضارات مختلفة عنك كلياً.
حين تستيقظ في أمكنة جديدة وسط بشر غرباء، هناك متعة الاكتشاف، بعدها تسيطر عليك أحاسيس تعينك على تجديد رحلتك في الحياة والانطلاق نحو آفاق لم تكن لترتادها وأنت مكبل في المكان ذاته.