“قنوات إعمار سوريا “.. توحيد الخبرات السورية لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة

الثورة – مها دياب:

 

في ظل التوجه الوطني نحو إعادة الإعمار، يشكل معرض “سيريا بيلد 2025” محطة محورية تجمع بين القطاعين العام والخاص، والمبادرات المجتمعية، والخبرات السورية في الداخل والخارج.

المعرض الذي يقام في مدينة المعارض بدمشق، يقدم مساحة تفاعلية لعرض أحدث التقنيات في مجالات البناء، البنية التحتية، والاستدامة، ويعكس ديناميكية المرحلة التي تتجه نحو التعافي العملي.

ومن بين المشاركات اللافتة، تبرز مبادرة “قنوات إعمار سوريا”، التي تمثل نموذجاً مستقلاً في تحويل الخبرات السورية المهاجرة إلى مشاريع ملموسة داخل البلاد، عبر تشبيك عملي بين الداخل والخارج، وتنفيذ مشاريع هندسية وطبية واستشارية تخدم البنية التحتية والبيئة المجتمعية.

تأسيس المبادرة

يقول مدير مكتب الهندسة الميكانيكية والكهربائية في المبادرة حمزة شيخ الحدادين: إن قنوات إعمار سوريا تأسست مباشرة بعد التحرير، كمبادرة مستقلة غير ربحية، هدفها ضم الخبرات السورية في ألمانيا وتشبيكها مع الخبرات الموجودة في الداخل، لتحقيق هدف وطني يتمثل في إعادة إعمار سوريا.

وأوضح في حديثه لـ”الثورة” أن المبادرة تضم اختصاصات هندسية متعددة تشمل: الميكانيك، المدني، المعماري، الكهربائي، إلى جانب خبرات طبية واستشارية، وتعمل بالكامل بروح تطوعية من دون أي توجه ربحي.

مشاريع أولى

وأشار إلى أن المشاريع الأولى للمبادرة انطلقت بعد أربعة أشهر فقط من التحرير، وبدأت بتوريد أجهزة طبية إلى مستشفيات دمشق، ثم توسعت لتشمل إعادة تأهيل مستوصفات في ريف درعا وريف إدلب.

وبين أن هذه المشاريع لم تكن مجرد دعم تقني، بل كانت استجابة مباشرة لحاجات مجتمعية ملحة، ونموذجاً عملياً لكيفية تحويل المبادرات المجتمعية إلى حلول واقعية.

منهجية تنفيذ

كما أوضح شيخ الحدادين أن تنفيذ المشاريع يتم وفق منهجية منظمة تبدأ بطرح فكرة محددة، كمثال على ذلك عملية إعادة تأهيل مدرسة أو مركز صحي، يقوم الفريق الهندسي المعماري بإعداد دراسة تفصيلية، يليها تدخل الفريق الكهربائي، ثم الفريق القانوني لضمان سلامة الإجراءات.

وأضاف: إن المشروع بعد اكتماله يرفع إلى مكتب البرامج الذي يتولى البحث عن ممول مناسب، سواء من الحكومة الألمانية، أو منظمات خيرية، أو شركات كبرى في أوروبا.

وأكد أن المبادرة تعتمد على تمويل خارجي من جهات متعددة، أبرزها وزارة التنمية الألمانية التي مولت مشروعين سابقين، إلى جانب منظمات خيرية وشركات أوروبية.

وبين أن التنفيذ يتم بالتعاون مع الحكومة السورية أو عبر شركاء محليين، وفق نموذج مرن قابل للتطوير، يعتمد على تقسيم العمل بين الفرق الهندسية والقانونية لضمان جودة التنفيذ واستدامة النتائج.

دعوة مفتوحة

وأكد على أن المبادرات المجتمعية مثل قنوات إعمار سوريا تلعب دوراً محورياً في سد الفجوات التي لا تستطيع الجهات الرسمية تغطيتها وحدها.

وأشار أيضاً إلى أن المبادرة لا تكتفي بعرض الأفكار، بل تسعى إلى تنفيذها فعلياً، وتعد مثالاً واقعياً على قدرة الخبرات السورية في الخارج أن تساهم في بناء الداخل، عبر أدوات عملية، وتمويل منظم، وشراكات محلية فاعلة.

وأوضح شيخ الحدادين أن المبادرة ترحب بأي مهندس، اختصاصي، قانوني، أو شريك يرغب في التواصل والمساهمة في تحقيق الهدف السامي.

وأكد أن سوريا بحاجة فعلية لكل خبرة، وكل طاقة من أبنائها، والعمل الجماعي هو الطريق الحقيقي نحو إعادة الإعمار، وأن كل مساهمة تعد خطوة نحو بناء الوطن، وتعزيز الثقة المجتمعية، وتحويل التعافي من شعار إلى واقع.

وتحدث حمزة الشيخ الحدادين عن مشاركة المبادرة في معرض “سيريا بيلد”، موضحاً أن الهدف منها هو التعريف بالمبادرة، وتوسيع شبكة العلاقات، وتحفيز الخبرات السورية على الانخراط في مشاريع إعادة الإعمار.

وأشار إلى أن جناح المبادرة شهد تفاعلاً كبيراً من الزوار، واهتماماً من الجهات الرسمية، ما يعكس أهمية المبادرات المجتمعية في بناء جسور الثقة والتعاون بين الداخل والخارج.

واقع يتحقق

في ختام حديثه، قال شيخ الحدادين: إن العمل في سوريا لم يعد حلماً مؤجلاً، بل واقع يتحقق يوماً بعد يوم بإرادة وطنية متجددة، مؤكداً استمرار المبادرة في أداء مهامها بإصرار، مستندة إلى قناعة أن إعادة الإعمار تبدأ من الفكرة، وتتحول إلى إنجاز فعلي على الأرض، وأن كل مشروع ينفذ يمثل خطوة نحو وطنٍ أكثر استقراراً، وكل شراكة تعقد تعد لبنة في بناء الثقة الوطنية.

وشدد على أن سوريا تنبض بالحياة، وتفتح أبوابها لكل من يؤمن بها ويعمل لأجلها، وأن العمل التطوعي والتشبيك بين الداخل والخارج قادران على إحداث فرق حقيقي في مسار التعافي الوطني، والمبادرات المجتمعية، حين تبنى على احتياجات واقعية وتدار بكفاءة، تملك القدرة على تحويل الأمل إلى فعل ملموس ينجز بسواعد أبناء الوطن.

رؤية تطوعية

من جهة أخرى قالت سارة غزال- مهندسة ميكانيك متطوعة في المبادرة: إن “قنوات إعمار سوريا” تعتمد بالكامل على العمل التطوعي، من قبل أبناء سوريا في الداخل والخارج، مؤكدة أن المبادرة لا تهدف إلى الربح، بل إلى تنفيذ مشروعات واقعية تخدم المجتمع، وتعيد بناء البنية التحتية والبيئة التربوية والصحية.

وأضافت: إن المشاركة لا تتطلب التفرغ الكامل، بل يمكن أن تكون جزئية أو استشارية، وفقاً لاحتياجات المشروع وتخصص المتطوع.

وأشارت م.غزل إلى أن المشاركة النسائية في المبادرة فعالة ومؤثرة، وتُظهر أن المرأة السورية قادرة على المساهمة في إعادة الإعمار من موقعها المهني والتقني.

وبينت أن المهندسات والطبيبات والمختصات القانونيات يشكلن جزءاً أساسياً من فرق العمل، ويقدمن حلولاً عملية، ويشاركن في الدراسات والتنفيذ، ما يعزز من شمولية المبادرة وواقعيتها.

بيئة مستدامة

وأوضحت م. غزال أن المبادرة تعمل على مشروعات استدامة تشمل إعادة تدوير الأنقاض الناتجة عن الحرب، وتحويلها إلى مواد بناء قابلة للاستخدام، إلى جانب مشروعات لإدارة النفايات الصلبة، مضيفة: إن هذه المشاريع لا تخدم فقط الجانب البيئي، بل تسهم في خلق فرص عمل، وتحسين الواقع الخدمي، وتقديم نموذج بناء أخضر يواكب التوجهات العالمية.

وأكدت أن تشبيك الخبرات بين الداخل والخارج هو جوهر عمل المبادرة، إذ يتم جمع الخبرات السورية في ألمانيا وربطها باحتياجات الداخل السوري، عبر مشروعات هندسية وطبية واستشارية.

وشددت على أن هذا النموذج يهدف إلى تحويل النقاشات المجتمعية إلى خطوات قابلة للتنفيذ، باستخدام أدوات رقمية حديثة لتسريع التنسيق والدراسة، وتعزيز التواصل بين الفرق.

وبينت أن المبادرة لا تكتفي بتنفيذ المشروعات، بل تسعى إلى تمكين المجتمعات المحلية، من خلال إشراكها في التخطيط والتنفيذ، وتدريب الكوادر، وتقديم الاستشارات، مشيرة إلى أن هذا التمكين يخلق بيئة من الثقة، ويعزز من قدرة المجتمعات على الاستمرار، ويجعل من كل مشروع نقطة انطلاق نحو استقرار أوسع.

آخر الأخبار
إجراءات مرنة لتسجيل الطلاب العائدين من الخارج "بلاي ستيشن" ممر خاطف لإدمان الأطفال فكيف نعالج الأسباب؟ أناشيد وفنون وإبداع طلابي..المسرح المدرسي يعود إلى الواجهة حكاية من تحدي الإعاقة.. يسطرها البطل العالمي حمدو السلات "قنوات إعمار سوريا ".. توحيد الخبرات السورية لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة "بائع جوال" يهز القلوب بكرمه وإنسانيته النادرة "ترند جيميني".. بين الحنين والابتكار ومخاوف الاستغلال العمود الفقري للاقتصاد.. الزراعة تعزّز الاستقرار الاجتماعي الشراكة بين القطاعين العام والخاص.. استثمار في مستقبل سوريا "سيريا بيلد".. شركات سورية تتصدر المشهد بمنتجات محلية تنافس عالمياً  "الشيباني" يرسم ملامح سوريا الجديدة.. دولة مدنية موحدة منفتحة على العالم قطر تنفي ادعاءات «نيويورك تايمز» وتؤكد التزامها بالاستثمار المسؤول والعلاقات المتوازنة اتفاقات ومبادرات لإطلاق تعاون إعلامي واسع بين سوريا والسعودية مبادرات خدمية في أريحا لإعادة تأهيل الطرق وتحسين الواقع المعيشي مؤونة الشتاء.. ونكهة الأطعمة المتوارثة في اللاذقية شهر "المؤونة" بحلب.. أيلول بين تقاليد عريقة وضغوط معيشية خانقة دورتموند يواصل الضغط على البافاري أتلانتا يفرض التعادل على اليوفي البرتقالي يعيد ترتيب أوراقه