ثورة أون لاين : مشروع المصالحة كتاب لقس أمريكي يدعى ( مايكل باري ) يعتبر فيه الباحث ان التسامح و الغفران يوفران الراحة النفسية و يحسنان الصحة الجسدية على اعتبار أن الحقد الزائد و الغضب و التخطيط للانتقام أمور تزيد في التوتر العصبي تؤثر فعلياً على الصحة الجسدية و على الإمكانات العقلية .
إن عدم قدرة البعض على التسامح في كل الاعتبارات هو حالة مرضية تعكس مزيدا مركباً من العقد النفسية و التعب و كراهية الأخر و لا شك ان التسامح لا يمنع المتسامح من ان يعبر للأخر عن أسباب غضبه منه و موقعه النفسي الذي شكل ذلك الشعور وما يشكله من فرصة حقيقية للتخلص من بعض الأعباء النفسية .
و تجمع كافة الدراسات النفسية و الاجتماعية على ان التسامح علامة قوى و ان الحقد و الانتقام هو إمارة ضعف ناهيك عن البعد الإنساني و الأخلاقي و الحضاري لدى الإفراد و الجماعات يتجلى بقدرتهم على التسامح وأفشاه ثقافة وسلوكه يكرسونه فيما بينهم .
إن مراجعة موضوعية لتاريخ الأفراد والشعوب يدل دلالة قاطعة على أن أكثر الكوارث والحروب التي أصابت البشرية كدول وجماعات كانت ناجمة في معظمها عن الأحقاد والضغائن التي تورثها أجيال متتابعة ما يساهم في خلق مناخات من التعصب والحقد والكراهية لا تلبث أن تنفجر فتأتي أثارها على الأخضر واليابس وتخلف وراءها ركاما من الأحقاد والآلام والضحايا والإعاقات النفسية الجسدية والعقلية. . إن روح التسامح والمحبة تعكس الجوهر الإنساني في الطبيعة البشرية ومن هنا كانت رسائل الشرائع السماوية جميعها وكذلك الفلسفات الإنسانية تتأسس على روح المحبة والتسامح والغفران ولا شك أن تكريس تلك الثقافة النبيلة بين الأفراد والجماعات والشعوب مسألة في غاية الأهمية لأنها تخلص شعوب الارض من وقود شيطاني يستبطن مفاصل ومشاعر بعض مريضي النفوس وأكلة لحوم البشر وهنا تكتسب الدعوى للتسامح والمحبة أهمية خاصة في ظل عالم منفتح الثقافات موحد الفضاءات ويمتلك من أدوات التواصل بين الشعوب أحدث ماأنتجه العقل البشري المبدع.
إن أخطر أنواع الحقد والكراهية هي التي تنشأ بين أفراد المجتمع الواحد أو الجماعات البشرية المتساكنة كونها تخلق حالة عداء ظاهر و مستتر بين إفرادها لا يلبث ان يستيقظ عند أول فرصة تتاح له و هنا يكمن خطر ذلك الوباء و أهمية النظر إليه من زاوية تأثيره المدمر على المجتمعات وعيشها المشترك وتناغم مكوناتها و تفاعلها مع بعضها البعض .
من هنا يبرز دور الفاعلين للاجتماعين و الروحيين وغيرهم و كذلك وسائل الإعلام و مناهج التربية و منابر الخطابة المتعددة في إذكاء روح المحبة و التعاون و ألفة بين أبناء البلد الواحد بل و البشرية كلها . من خلال تكريس ثقافة المحبة و التعاون نبذ كل مظاهر الحقد و الكراهية التي لا يقف تأثيرها على زمن أو لحظة عابرة في حياة الناس و إنما تمتد شرورها زمن ذو أفق مفتوح و غير محدد الملامح و الاتجاهات .
د.خلف المفتاح