الثورة – نيفين أحمد:
تستمر لليوم الثاني ورشة العمل التدريبية التي تقيمها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، تحت عنوان “مقاومة مضادات الميكروبات وتأثيرها على الصحة العامة”، وتجمع خبراء ومسؤولين من وزارات الصحة، والبيئة، والزراعة، بهدف توحيد الجهود وتنسيق السياسات لمواجهة هذه “الجائحة الصامتة”.
دعم الاستراتيجيات الوطنية
ممثل منظمة “الفاو” طوني العتل أوضح خلال فعاليات الورشة أن مقاومة مضادات الميكروبات تمثل تحدياً عالمياً يؤدي إلى تدهور صحة الإنسان ويفقد العلاجات فعاليتها، مؤكداً أن الحل يكمن في إطار “الصحة الواحدة” الذي يجمع قطاعات الصحة والزراعة والبيئة للعمل بشكل متكامل، مشيراً إلى أن مقاومة الأدوية تهدد جميع القطاعات المختلفة من الطب البشري والبيطري وغيرها ما يزيد من مخاطر انتشار الأمراض وزيادة عدد الوفيات وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية كما يهدد جهود التنمية المستدامة.
بدوره مسؤول قطاعات الثروة الحيوانية في “الفاو” الدكتور جورج الخوري، أوضح أن مفهوم الصحة يأتي كجزء من اهتمام عالمي كبير بمشكلة مقاومة مضادات الميكروبات، مشيراً إلى أن الاستعمال العشوائي وغير المنضبط للمضادات الحيوية أدى إلى ظهور سلالات ميكروبية مقاومة، ما يشكل تهديداً خطيراً على الصحة العامة.
وأضاف: إن الهدف من طرح هذا المفهوم هو الخروج برؤية استراتيجية واضحة للمرحلة القادمة، مؤكداً أن المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة قد بدأت بالفعل في دعم سوريا لمواكبة الجهود الدولية في هذا المجال، وستعمل المنظمة على تحديد الأولويات وتأمين التمويل اللازم وتطوير الكوادر الوطنية القادرة على تنفيذ هذه الاستراتيجيات بفعالية.
تكامل الجهود
مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والتدريب الصحي في وزارة الصحة الدكتورة رشا محمد، بينت أن المركز يلعب دوراً محورياً في هذا المجال من خلال تخريج مقيمي اختصاص “الصحة العامة” و”إدارة النظم الصحية”، بالإضافة إلى دوره في إجراء البحوث الصحية المتعلقة، مشيرة إلى أن الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان والتي تنتقل بعدة طرق أبرزها الغذاء تجعل صحة الحيوان جزءاً لا يتجزأ من صحة الإنسان.
وشددت على أن الاستخدام المفرط وغير المدروس للمضادات الحيوية، سواء في القطاع البشري أو الحيواني هو السبب الرئيسي في فقدان فعالية هذه الأدوية الحيوية، مضيفة: إن المضادات الحيوية يمكن أن تنتقل إلى الإنسان عبر استهلاك اللحوم أو من خلال تلوث المياه والتربة بفضلات الحيوانات المعالجة، ما يخلق دورة متكاملة تساهم في تفاقم المشكلة، إذ تمتد هذه المخاطر لتشمل القطاع الزراعي، كما يؤدي الاستخدام العشوائي للمبيدات الحشرية إلى وجود متبقيات ضارة في المحاصيل الزراعية مثل الخضراوات والفواكه، ما يضيف بعداً آخر للتحدي الصحي.. هذه القضية متعددة الأوجه تتطلب حلولاً عملية ومدروسة.
نحو تفعيل الحلول
وللانتقال من التشخيص إلى الحلول الفعلية، أكدت الدكتورة محمد على ضرورة تشكيل فريق عمل وطني يضم جميع الجهات المعنية، ويجب أن يشمل هذا الفريق ممثلين عن الجامعات والمراكز البحثية، ووزارة الزراعة، والنقابات المهنية، ومربي الدواجن والثروة الحيوانية، وتجار الأعلاف والأدوية البيطرية، وأصحاب معامل الإنتاج، موضحة أن مهمة هذا الفريق تتمثل في عرض المشكلة بأبعادها الكاملة ووضع خطوط عريضة للحلول وتكثيف الأبحاث الميدانية لفهم الواقع بدقة، مشددة على أن توفير غذاء آمن للمواطن السوري، سواء كان خضراوات أو فواكه أو لحوماً يجب أن يكون الأولوية القصوى التي تتطلب تضافر جميع هذه الجهود.
من التشخيص إلى الحلول العملية
عميد كلية الطب البيطري في جامعة حماة الدكتور عبد الكريم الحلاق أثار نقطة حيوية تتعلق بالقطاع الزراعي وهي الاستخدام العشوائي للمبيدات الحشرية والذي يمثل تحدياً كبيراً، حيث إن متبقياتها قد تصل إلى المستهلك عبر المحاصيل الزراعية الأساسية.
وشدد على ضرورة الانتقال من النقاش إلى التنفيذ، مقترحاً حلولاً عملية ومدروسة تبدأ بتشكيل فريق عمل وطني شامل، مختتماً بالتأكيد على أن الهدف الأسمى هو ضمان وصول غذاء آمن للمواطن من الخضراوات والفواكه إلى اللحوم والدواجن.