الثورة – فؤاد الوادي:
أكد الباحث السياسي الدكتور عبد المنعم حلبي، أن أهم مشكلة ستواجه مجلس الشعب الجديد، هي استعادة الثقة الشعبية بدوره كمؤسسة تشريعية تراقب وتحاسب وتحجب الثقة عن الحكومة والوزراء المقصرين في أداء عملهم وواجباتهم.
وقال الحلبي في حديث لصحيفة الثورة: “إنه ليس ثمة مؤشرات واستطلاعات حقيقية من مؤسسات وطنية معنية بالأمر، يمكن من خلالها تحديد، أو حتى تقدير موقف الرأي العام والشارع السوري من العملية ككل، لأن العملية الانتخابية منذ بدايتها كانت تجري ضمن دوائر واجتماعات غير عامة، بناء على دعوات واتصالات ضمن نطاقات معينة، فلم نجد مثلاً تجمعات كبيرة ومفتوحة في أي من نشاطات اللجنة العليا للانتخابات، كما غابت بشكل عام تفاصيل تعيين اللجان الفرعية، ولم نلحظ على الإعلام سوى قوائم الهيئات الناخبة الأولية والنهائية، دون معالجة وافية لحالات الشطب والإبعاد والإضافة التي تمت.
وأضاف: إن موضوع الترشيح ذاتي، ويتوقف على قرار شخصي لأي عضو ضمن الهيئة الناخبة، ولم تجر مراجعات وجلسات حوار ضمن هذه الهيئات يمكن من خلالها بيان خريطة الاحتياجات التي يمكن على أساسها ضمان إصدار قائمة ترشيحات محكمة وفق الكفاءات المطلوبة للمرحلة القادمة، وهذه ثغرة واضحة في أهم مرحلة من مراحل العملية الانتخابية، وتوقع أنها ستكون مؤثرة في مخرجاتها.
وعن دور المجلس الجديد خلال المرحلة القادمة، أوضح الباحث السياسي، أن دور المجلس وفقاً للإعلان الدستوري، وباعتباره ممثلاً للسلطة التشريعية، سيكون مركزاً بشكل أساسي على إقرار القوانين ومناقشة أداء الحكومة، والمصادقة على الاتفاقات وإقرار الموازنة العامة وما إلى ذلك، آملاً أن تفرز العملية الانتخابية كفاءات قادرة على تشكيل لجان تخصصية قادرة فعلاً على إنجاز هذه المهام وغيرها.
وشدد الحلبي على أن كل المشكلات والعوائق التي قد تعترض عمل المجلس هي متوقعة وطبيعية، ولكنها تراكمية، لكن الأهم ألا تمتد إلى مخرجات من سيصل لعضوية مجلس الشعب، حيث يخشى من إعادة تدوير لأجسام معارضة سابقة سيئة الصيت شعبياً، أو مقربين من دوائر النظام البائد.
وفيما يتعلق بدور الإعلام في مرحلة ما بعد الانتخابات وولادة أول مجلس برلماني بعد سقوط النظام المخلوع، بين الحلبي أن دور الإعلام من المفترض أن يكون قد تجاوز دوره النمطي من مجرد ناقل للحدث، إلى الشراكة والمراقبة والمتابعة، أي أن يكون جزءاً من الحالة الاجتماعية والشعبية والوطنية، لذلك يجب أن يكون دور الإعلام تكاملياً مع دور مجلس الشعب، لاسيما في هذه المرحلة، لجهة المساهمة في تعزيز المساءلة العامة والمحاسبة التي تشكل الركيزة الأساسية التي يمكن البناء عليها في تحقيق مرحلة انتقالية يمكن وصفها بالرشيدة باتجاه بناء نظام سياسي جديد قادر على ترسيخ السلام وتحقيق التنمية، وهذا لن يتحقق، بحسب الحلبي، بدون ممارسة الدور الرقابي من قبل الإعلام ومجلس الشعب على السلطة التنفيذية بشكل كامل، الأمر الذي يتطلب في مرحلة لاحقة تعديل الإعلان الدستوري ذاته.
وتابع: “لا يجب أن يكون الإعلام ناقلاً أميناً وحسب، فهو سلطة قائمة بذاتها، بمعنى يجب تفعيل قدرته على المساءلة وتحريك الرأي العام باتجاه القضايا ذات الأولوية الوطنية، كما يتوجب عليه أن يكون قناة تواصل مستمرة مع الشارع لإيصال الرأي العام إلى السلطة، ومتابعة القضايا التي يهتم بها في إطار حالة تفاعلية بناءة بعيدة عن البروباغندا الإعلامية.
وأشار الدكتور الحلبي إلى مشكلة عدم فهم حقيقي للعمل السياسي، وتمثل ذلك بطغيان الجانب الحقوقي على السياسي، بمعنى تحويل النشاط المرتبط بالعمل العام الدستوري والقانوني وقصره على المختصين القانونيين، الذين لا يتمتعون بتجارب حافلة تؤهلهم أصلاً لتصدر هذا العمل الاستراتيجي المؤثر في حاضر ومستقبل البلاد، فتراهم يعملون على النصوص وتمرير ما تريده الإدارة، بعيداً عن الرؤى السياسية وأصحابها القادرين على فهم الانعكاسات وتنبؤ أثر كل خطوة على المشهد العام، وهذا ما وجدناه في تجربة الإعلان الدستوري، ويخشى امتداده لمجلس الشعب.
وكانت اللجنة العليا للانتخابات قد حددت الخامس من الشهر الجاري موعداً لانتخابات مجلس الشعب.
ومطلع الأسبوع الحالي أصدرت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري، مدونة قواعد السلوك الخاصة بالمرشحين المشاركين في انتخاب أعضاء المجلس من خلال الهيئات الناخبة، والتي تحدد ما يجب الالتزام به، وما يجب الامتناع عنه فيما يتعلق بإجراءات الترشح، بحيث يقر المترشح ويلتزم بقواعد السلوك التنافسي أثناء العملية الانتخابية.
وأوضحت اللجنة عبر قناتها على التلغرام أن المدونة تُعد من ضمن المستندات المطلوبة للترشح وملزمة للمرشحين للاطلاع والتوقيع عليها، مبينةً أن المرشح يقر بموجبها بتحمله كامل المسؤولية القانونية، الأمر الذي يخول اللجنة العليا للانتخابات اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه في حال الإخلال بأي من بنودها.
وبيّنت اللجنة أن إصدار المدونة يأتي في إطار تعزيز النزاهة والشفافية في العملية الانتخابية، حيث يلتزم المرشحون لمجلس الشعب بالتقيد بهذه المدونة الأخلاقية التي تهدف إلى ضمان منافسة عادلة وتحقيق المصلحة العامة، مع الالتزام باللوائح المنظمة للانتخابات، مشيرةً إلى أن المدونة تشكل إطاراً أخلاقياً وقانونياً لضمان انتخابات حرة ونزيهة، ويلتزم المرشح بتوقيعها كإقرار منه باحترام مبادئها.