متابعة – أحمد حاج علي:
تعيش كرة القدم في إدلب هذه الأيام مرحلة جديدة من تاريخها الرياضي، بعد أن تمكن ناديا أمية وخان شيخون من التأهل رسمياً إلى الدوري السوري الممتاز، في خطوة تعدّ تتويجاً لمسيرة طويلة من العمل الرياضي في المناطق التي شهدت تحولات كبيرة خلال السنوات الماضية.
من “الدوري الحر” إلى الدمج الرسمي
خلال السنوات السابقة، كانت الأندية في المناطق المحررة من النظام السابق تنشط ضمن إطار خاص بها حمل اسم “الدوري السوري الحر”، الذي شكّل مساحة حيوية لاستمرار النشاط الرياضي رغم الظروف الصعبة التي عاشتها البلاد.
ورغم غياب الدعم الرسمي وغياب البنية التحتية المناسبة، تمكنت تلك الأندية من الحفاظ على حضورها في الملاعب، ومن تنشئة جيل كامل من اللاعبين والمدربين والإداريين الذين حافظوا على روح الرياضة السورية.
ومع تحرير البلاد وسقوط النظام السابق، تقرّر دمج الأندية والاتحادات الرياضية في إدلب وأعزاز وسائر المناطق الشمالية ضمن منظومة وطنية واحدة تشرف عليها وزارة الشباب والرياضة والاتحاد السوري لكرة القدم.
وبناءً على ذلك، تم اعتماد بطولات “الدوري الحر” كأساس لتصنيف الفرق في دوري الدرجة الأولى الجديد، لتبدأ رحلة الصعود نحو الممتاز وفق نظام رسمي موحّد.
أمية إدلب.. عودة الاسم التاريخي
يُعد نادي أمية من أعرق الأندية في الشمال السوري، إذ سبق له المشاركة في الدوري الممتاز خلال مراحل مختلفة من تاريخه.
ورغم فترات التوقف الطويلة، ظلّ النادي محافظاً على نشاطه ضمن الدوري الحر، قبل أن يتمكن مؤخراً من العودة إلى الواجهة عبر التأهل إلى الدوري الممتاز بعد سلسلة من الانتصارات في الأدوار النهائية.
عودة أمية جاءت لتعيد البريق للكرة الإدلبية، وتمنح جماهير المدينة شعوراً بالفخر، والعودة إلى المكان الطبيعي بين كبار أندية سوريا.
خان شيخون.. الحلم يتحقق لأول مرة
أما نادي خان شيخون، فيُعد من الأندية الحديثة نسبياً مقارنة بأمية، إلا أن إنجازه هذا الموسم يُعد تاريخياً بكل المقاييس، إذ تمكن للمرة الأولى في تاريخه من الصعود إلى الدوري الممتاز بعد مشوار مميز في التصفيات النهائية، متجاوزاً أندية قوية صاحبة خبرة.
ويمثل هذا الإنجاز نقطة تحول كبيرة في مسيرة النادي، الذي عانى طويلاً من ضعف الإمكانيات ونقص البنية التحتية، لكنه عوّض ذلك بالعزيمة والتنظيم والعمل الجماعي داخل وخارج الملعب.
التحضيرات ما قبل الانطلاقة
يواصل الفريقان حالياً استعداداتهما لخوض غمار الدوري الممتاز من خلال سلسلة من المباريات الودية والمعسكرات التدريبية، بهدف رفع مستوى الجاهزية البدنية والفنية قبل انطلاق الموسم الرسمي.
فريق أمية خاض عدداً من المباريات التحضيرية المتتالية، بدأها بالتعادل مع الطليعة، ثم خسر أمام الكرامة بالنتيجة ذاتها (2-1)، قبل أن يحقق فوزاً مهماً على الحرية بهدفين مقابل هدف، أعقبه لقاء ودي أمام أهلي حلب في المدينة نفسها انتهى بفوز الأخير (2-1)، ليختتم الفريق سلسلة تجاربه بانتصار معنوي على الشرطة بهدف دون رد.
ورغم تباين النتائج، أظهر أمية توازناً ملحوظاً في الأداء، مع سعي الجهاز الفني للوصول إلى التشكيلة الأمثل قبل انطلاق الدوري.
أما نادي خان شيخون، فقد استعد من خلال معسكر تدريبي في مدينة حلب تخللته عدة مباريات ودية أمام فرق من الدوري الممتاز، حيث خسر أمام أهلي حلب (3-1)، وأمام تشرين (3-1)، ثم الشرطة (2-1)، في تجارب فنية هدفها منح الجهاز الفني تصوراً أوضح عن نقاط القوة والضعف قبل الدخول في المنافسات الرسمية.
وإلى جانب العمل الفني، أقام النادي ملتقى جماهيرياً لجمع التبرعات دعماً لصندوق الفريق، بلغت حصيلته 100,200 دولار أمريكي، في بادرة لافتة تؤكد روح التضامن بين أبناء المدينة والكوادر الرياضية في سبيل دعم ممثلهم في الدوري الممتاز.
رسالة أمل من الشمال
يُجمع المتابعون على أن تأهل أمية وخان شيخون لا يمثل مجرد إنجاز رياضي فحسب، بل هو رسالة رمزية عن عودة الحياة إلى الملاعب السورية في إدلب ومحيطها، بعد سنوات من الانقسام والتحديات.
ومع تنظيم البطولات الرسمية وانطلاق الموسم الجديد بمشاركة أندية المحافظات كافة، تبدو كرة القدم السورية مقبلة على مرحلة جديدة أكثر استقراراً وتنظيماً، تعكس روح الوحدة والتجدد في البلاد.
