الثورة- أحمد صلال – مونبلييه :
على الرغم من عرض أفلام سورية بين الحين والآخر “إنتاج مشترك” أو تُعرض في المهرجانات، إلا أن السؤال يبقى مطروحاً في بلدٍ رزح تحت وطأة حربٍ مروعة شنّها نظام بشار الأسد الديكتاتوري على شعبه بعد الانتفاضة السلمية عام ٢٠١١.
وقد قرر مهرجان مونبلييه الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط “سينيميد” في دورته السابعة والأربعين، الإجابة عن هذا السؤال، والذي أقيم بين 17 و 25 من الشهر الحالي، للاحتفاء بالإنتاجات المتوسطية من خلال مسابقات وعروض استعادية وحلقات نقاش، وسلّط الضوء على السينما السورية بالشراكة مع المركز الوطني للسينما.
قدم المهرجان هذا العام مجموعة مختارة من ٢٤٠ عملاً من حوض البحر الأبيض المتوسط، وتتخلل الدورة عروض تمهيدية، وعروض خاصة، واستعراضات استعادية، وتكريمات، وثلاث مسابقات رسمية، كما أقيم معرض استعادي تكريماً للمخرج الإيطالي دينو ريسي، بالإضافة إلى عرض لثلاثة أعمال رئيسية للمخرج المصري يوسف شاهين.
السينما الشابة
أُقُيم يوم مخصص للسينما السورية بالتعاون مع المركز الوطني للسينما، بهدف تكريم إبداع وصمود المخرجين السوريين الشباب الذين رغم سنوات الصراع، واصلوا سعيهم لإعادة هيكلة المشهد السمعي البصري والسينمائي في البلاد.
اليوم الذي حمل عنوان “السينما السورية الشابة: لمحة عامة عن إعادة الإعمار” افتتحه غايتان برويل، رئيس المركز الوطني للسينما.
واستمرت الفعالية بعرض تقديمي لسيسيل بويكس، المحاضرة في مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية حول موضوع “نشأة وهيكلة وتطور سينما المؤلف السوري من عام ١٩٧٠ إلى اليوم”، ثم عقُدت حلقة نقاشية بعنوان “التركيز الفني: نهضة السينما السورية”، استضافتها مجموعة “العيون”، تناولت ظروف وجود السينما السورية وتجددها، وناقش المشاركون الأفلام التي أُنتجت خلال فترات النزاع، ومسيرة المخرجين الناشئين رغم التحديات، واللغة الفريدة التي يطورونها، وتناولت الحلقة النقاشية التوقعات والآمال لمستقبل السينما السورية، كما أقيمت حلقة نقاشية ثانية بعنوان “التركيز على الصناعة: نقاط قوة وتحديات السينما السورية اليوم”، قدمت فيها لمحةً عامة عن التحديات الراهنة في إعادة بناء قطاع السينما السوري، من الإنتاج إلى التوزيع.
وناقش المشاركون السوريون فيها شروط استدامة صناعة جديدة في سوريا، بالإضافة إلى السبل التي ينبغي النظر بها لتمكين الجمهور من استعادة وصوله إلى سينماه الوطنية، كما تناولوا أهمية الحفاظ على التراث السينمائي في عملية إعادة بناء المشهد الثقافي للبلاد.
المنتجة السينمائية ساشا أيوب التي شاركت في النقاشات، تحدثت لصحيفة “الثورة” قائلة: “أعتبر هذه المشاركة التكريمية للسينما السورية انتصاراً لليافعين الذين انتصروا للثورة السورية ومنهم من فقد حياته ثمناً للحرية، هذا المحفل المهم يبقى فرصة وبقعة ضوء على صناع السينما، لقد دفعنا من عمرنا سنين من أجل هذه اللحظة، وقبل سقوط النظام كنا نعمل بالخفاء مع فنانين من خارج البلد”.
وعن حرية التعبير اليوم قالت: “من يصرّح بآرائه وإن كانت مختلفة علينا احترامها، واحترام أعماله الفنية لكيلا تضيع ثورتنا سدى، فنحن من عانينا من القمع وعلينا أن نتشارك بالحرية الفنية والثقافية”.
وهذا الجديد الذي تغير بعد نظام الديكتاتور على مستوى الحرية والتعبير من وجهة نظر أيوب.
بلغ عدد الأفلام السورية المشاركة 22 فيلماً، منها 3 أفلام روائية طويلة، 3 أفلام وثائقية، 16 فيلماً قصيراً.
الأفلام الروائية الطويلة: “العودة” إخراج ميار الرومي، “الغريبة” إخراج غايا جيجي، “المترجم” إخراج رنا كزكز وأنس خلف، أما الوثائقية فهي: “طعم الإسمنت” إخراج زياد كلثوم، “ذاكرتي ممتلئة بالأشباح” إخراج أنس الزواهري، “مطاردة الضوء الباهر” إخراج ياسر كسّاب.
الأفلام القصيرة: “كما كنت شجرة” إخراج جلال مغوّط، “وهكذا نعيش” إخراج رند أبو فخر، “قطعتان من الذاكرة” إخراج ديالا الهنداوي، “أرض السعادة” إخراج نور خير الأنام، وردة إخراج قتيبة برهمجي، “رقصة السمك” إخراج راما عبدي، “عودة” إخراج يزن ربيعة، “3350 كيلومتر” إخراج سارة كنتار، “اللوزة الدماغية” إخراج أسامة حافري، “مدينة غرقت في التفاصيل” إخراج: جورج أشقر، “بين ليلة وضحاها” إخراج مَدونا أديب، “غرفتنا” إخراج صفاء مقدح، “عندما نعبر إلى الجهة الأخرى من الحديقة” إخراج أمين أبو قاسم، “العودة” إخراج غياث المحطوي، “هڤي” إخراج محمد شخّو، “موضع القلب” إخراج الحسن يوسف.
من تلك الأفلام الشريط السينمائي الروائي الطويل “الغريبة” إخراج غايا جيجي، وفيه تهرب سلمى من سوريا، تاركةً وراءها ابناً في السادسة من عمره وزوجاً اختفى في سجون النظام، تصل إلى بوردو بعد رحلة محفوفة بالمخاطر، وتعمل لساعات طويلة في عمل غير مُصرّح به، بينما تبدأ معركة جديدة للحصول على حق اللجوء وإعادة ابنها رامي إلى الوطن، سرعان ما تلتقي سلمى بالمحامي جيروم.
الفيلم الروائي الطويل “المترجم” إخراج رنا كزكز وأنس خلف، وتدور حكايته عام 2000 حيث كان سامي مترجماً للمنتخب الأولمبي السوري في سيدني، لكن زلة لسان أثناء الترجمة أجبرته على البقاء في أستراليا، حيث مُنح صفة لاجئ سياسي.
في عام 2011 اندلعت الثورة السورية، واعتُقل شقيقه خلال احتجاج سلمي، ورغم المخاطر، قرر المخاطرة بكل شيء والعودة إلى سوريا لتحريره.
الفيلم الوثائقي “مطاردة الضوء المبهر” إخراج ياسر كسّاب، ينهج المخرج فيه الأسلوب التعبيري نفسه المعتمد على حوارات مع أفراد من عائلته، تلازمها مشاهد خارجية تعكس وجوده البعيد عنهم، ومن خلالها يُعبر بوضوح وصدق عن مشاعره وأحاسيسه في البلد الذي وصل إليه، وهذه المرة في السويد التي استقر فيها، ويجد نفسه معزولاً فيها، يواجه صعوبات التأقلم مع المحيط الجديد.




