“Dry3”.. الوجه الآخر للجوء والهجرة

الثورة – آنا عزيز الخضر:

عندما يلهمهم الواقع فإننا نلمس ما يخطون من إبداع مكرسين من خلاله رسالة الفن كما هو مأمول منها، هي عبارة تصف في عمقها الفيلم القصير “Dry3″، إخراج بهاء أبو عراق وتأليف روني درويش، والذي يتناول معاناة اللاجئين والمهاجرين في الغربة.

قضية العنصرية

التقينا صناع الفيلم، وكانت البداية مع الكاتب روني درويش، وهو إعلامي ومنتج أفلام سوري يقيم في ألمانيا، تخرّج في كلية الإعلام في جامعة باساو الألمانية، وبدأ رحلته في عالم الفن من خلال الرسم والفنون البصرية، التي كانت بوابته الأولى للتعبير الإبداعي، قبل أن ينتقل إلى مجال الإعلام وصناعة الأفلام.

ويُنتج سنوياً أفلاماً قصيرة أو يشارك في مشاريع فنية داخل ألمانيا، تجمع بين الفن والرسالة الاجتماعية.

عن فيلم “Dry3” قال: “هو من تأليفي وإنتاجي المستقل، أنجزته بالتعاون مع فريق مكوَّن من ثلاثين فناناً وفنانة من خلفيات ثقافية متعددة، وجاءت فكرته من الحاجة الملحّة لفتح نقاش جريء وصادق حول قضية العنصرية في ألمانيا، وهي قضية يواجهها الكثير من اللاجئين والأجانب في تفاصيل حياتهم اليومية”.

ويتابع: “بحكم عملي في المجال الإعلامي، تصلني باستمرار رسائل من أشخاص يعانون من التمييز، سواء أثناء البحث عن عمل أو السكن أو حتى في البيئة الأكاديمية.

كثيرون يتم رفضهم فقط لأنهم أجانب أو يحملون اسماً غير ألماني، أو لأن ملامحهم مختلفة.

وقد تكررت هذه الظواهر بصمت، من دون أن تجد من يتحدث عنها بوضوح، لذلك شعرتُ أنه من واجبي، كإعلامي وصانع أفلام وكشخص مرّ بتجربة اللجوء بنفسه، أن أُسلّط الضوء على هذه المعاناة من خلال الفن، وأن أقدم عملاً فنياً صادقاً يُعطي صوتاً لأولئك الذين لا يملكون المنصة أو الجرأة ليتحدثوا عن تجاربهم، ومن هنا وُلدت فكرة الفيلم كعمل يعبّر عن ثلاث شخصيات مختلفة تواجه العنصرية في سياقات متباينة، لكن يجمعها الألم نفسه والإصرار ذاته على الاستمرار والاندماج”.

وعن الأسلوب الفني الذي اتبعه في الفيلم، قال: “يمكن وصف الأسلوب الفني الذي اعتمدناه بأنه جاف ومباشر، وهو خيار فني مقصود يعكس طبيعة الموضوع الذي يتناوله العمل.

لم نرغب بتجميل الواقع أو تغليفه بمؤثرات درامية أو بلاغية، بل سعينا إلى نقل الصورة كما هي، قاسية وواقعية ومليئة بالتفاصيل اليومية التي يعيشها كثيرون بصمت مستفيدين من السقف العالي للحريات في ألمانيا”.

ويشير إلى أن الفيلم لا يدّعي بأنه يعكس الواقع تماماً، لكنه يقترب منه إلى حد كبير، محاولاً تقديم تجربة حسية وبصرية صادقة تُشعر المشاهد بعمق التمييز الذي يواجهه الأجانب والمهاجرون في ألمانيا، سواء في العمل أو السكن أو العلاقات الاجتماعية.

وعن تفاعل الجمهور، قال: “جاءت ردود فعل الجمهور لتؤكد نجاحنا في طرحنا، فالكثير من المشاهدين رأوا في الفيلم أنفسهم أو تجارب أناس يعرفونهم، وهذا بالضبط ما كنا نهدف إليه، بأن يكون الفن مرآة للواقع لا مرآة للزينة”.

وتابع كلامه عن دور الفن ومسؤوليته تجاه المجتمع: “أؤمن أن للفن دوراً كبيراً في تشكيل الوعي العام وتوجيه الرأي المجتمعي نحو التغيير الإيجابي، فالفن يمتلك لغة خاصة لا تشبه الخطابات السياسية أو الشعارات المباشرة، بل يخاطب العقل والقلب معاً، ويصل إلى الناس بطريقة أكثر عمقاً وإنسانية.

ومن وجهة نظري كفنان، أرى أن الفن هو الأداة الأصدق والأكثر تأثيراً لإيصال الرسائل الإنسانية وتسليط الضوء على القضايا التي تُهم الناس فعلاً، سواء كانت قضايا العدالة أو المساواة أو الاندماج أو حتى الألم الشخصي”.

ويوضح أن السينما بشكل خاص لديها القدرة على فتح الحوار وتغيير المفاهيم، لأنها تُحوّل القضايا المجردة إلى وجوه وحكايات يمكن للجميع أن يراها ويتفاعل معها، ولهذا يرى أن كل فيلم أو عمل فني صادق هو خطوة صغيرة نحو مجتمع أكثر وعياً وإنصافاً وعدالة.

الرؤيا الإخراجية

يجيب المخرج بهاء أبو عراق عن سؤال حول “كيف تناول الفكرة، وما الحلول الإخراجية التي اعتمدها لتكون أكثر تأثيراً؟”، يقول: “تناولت فكرة الفيلم بطريقة إنسانية بسيطة، بعيداً عن التعقيد أو الخطاب الرسمي، ركزت على التفاصيل الصغيرة والكلام العفوي بين الناس في حياتهم اليومية، لأنه يعكس التمييز بشكل غير مباشر.

اخترت إيقاعاً هادئاً، مع لقطات مقربة للوجوه، ليشعر المشاهد بالصمت والارتباك، وأبقيت الشخصية الرئيسية في عمق الصورة لأبرز الانكسار الذي تعيشه الشخصيات، مستخدماً إضاءة طبيعية وألواناً باردة تعبّر عن برودة الواقع، وألواناً دافئة للمستقبل الافتراضي المشرق”.

وعن آلية تعامله مع المتلقي ليعيش التجربة التي يقدمها الفيلم، يقول: “اعتبرت المتلقي شريكاً في الرحلة، وليس فقط مشاهداً عابراً، أعطيته مساحة للتأمل والشعور، بديلاً عن تقديّم إجابات جاهزة، فأنا أؤمن أن قوة القصة تجعله يحس أنه جزء من الحدث، لذلك ركزت على التمثيل الواقعي والحركات الطبيعية في كل لقطة، والهدف أن تكون التجربة قريبة من الحياة اليومية وتشكل تحريضاً الناس على التفكير بعد انتهاء الفيلم”.

 

آخر الأخبار
 بعض المصارف السورية تؤكد..لامخاطر جمّة وقرارات المركزي نفذت لضمان الاستقرار مكتب لصندوق النقد في دمشق ودعم مشروعات من البنك الدولي مبادرة مستقبل الاستثمار تؤسس لتعافي شامل انقطاعات كهربائية متكررة في التضامن والقاطنين يطالبون بحل جذري إنذارأخير بإزالة الأكشاك والإشغالات من جديدة عرطوز مؤتمر "FII" فرصة العبور إلى مستقبل اقتصادي جديد سوريا الجديدة تفتح أبوابها للاستثمار وتعزز السيادة الوطنية الحاجة إلى الكاز .. قصّة معاناة السوريين مع الأزمات الاقتصادية تحويل الإعمار إلى مُحرّك للنمو المستدام كيف نحدث فرقاً في حياتنا وقت الأزمات؟ صناعة الشموع المعطرة .. قصة نجاح أوجدت فرصة عمل الإنفاق العاطفي .. كيف تحمي ميزانيتك من تأثير المشاعر؟ نساء البسطات.. وجه آخر لوجع الحياة تخفيض رسوم بيع المقاسم إلى 2 بالمئة دفعة للاستثمار الصناعي سوريا تسجل حضورها في مستقبل الاقتصاد العالمي الورد في جبلة.. إقبال كبير وزراعة واعدة تفاوت في أسعار الخضار والفواكه بحمص .. و"التجارة الداخلية" تشجع على الشكوى المنطقة الصناعية في الشيخ بدر بانتظار طي قرارات مجحفة لوضعها بالاستثمار آرسنال يعزز صدارته للبريميرليغ    للمرة الأولى خميرة حمص تصل أفران حلب وإدلب.. ودراسة لمعامل شركة السكر