همسة زغيب:
يخطو الزائر إلى سوق الحميدية وكأنما يخطو عبر الزمن، ضمن مكان يعبق بالذكريات والتاريخ، ويعيش كل ركن فيه حكاية من دمشق القديمة، ليتحول إلى مسرح حيوي تلتقي فيه الأجيال، وينبض بروح دمشق.
الباحث الأثري والمهندس المعماري في مركز فخري البارودي أمين صعب أشار لصحيفة الثورة أن سوق الحميدية ليس مجرد ممر للسلع فقط، بل مرآة حية لدمشق العريقة، فكان شاهداً على تطور المدينة عبر العصور، حيث شكّل مركزاً لتبادل الأفكار والاحتكاك بين الثقافات المختلفة.

يقول: “هو من أقدم أسواق دمشق، وحمل اسمه تكريماً للسلطان عبد الحميد الثاني في القرن التاسع عشر بعد أن قام بتطويره وتوسيعه ليكون مركزاً تجارياً بارزاً.
ورغم مرور الزمن، حافظ على طابعه التقليدي، وملامحه المعمارية الفريدة، ويُعد مثالاً رائعاً للعمارة الإسلامية الدمشقية، فسقفه المقبب يحميه من حرارة الشمس ويخلق أجواء من الظلال، فيما النوافذ الخشبية المزخرفة بالنقوش الدمشقية التقليدية تعكس حرفة الأجداد”.
ويرى “صعب” أنه رغم جمال السوق وثرائه الثقافي، إلا أنه يواجه تحديات العصر الحديث، فالتوسع العمراني والتجارة الإلكترونية، والمراكز التجارية الحديثة، تهدد مكانه كمركز تجاري نابض.
لكنه يبقى من أبرز الوجهات السياحية ويشكّل نافذة لدمشق القديمة، حيث يتعرف زواره على الحرف اليدوية الدمشقية، فكل زاوية منه تعيد اكتشاف جزء من هوية دمشق وتربط الزائر بجذوره.
ولفت إلى أن هناك جهوداً حثيثة لإعادة تأهيله بعد الأضرار التي لحقت به خلال السنوات الماضية، مشدداً على أن “إعادة التأهيل” ليست مجرد عملية بناء، بل إحياء لذاكرة دمشق وحماية قصصها.
وينبغي أن يكون الحفاظ على السوق أولوية ثقافية لضمان استمراريته في المستقبل، فهو مركز ثقافي إنساني يجد فيه الدمشقيون والزوار فرصة لتبادل اللحظات والأفكار، حيث يلتقي الزمن بالحجر وتتنفس الذاكرة الدمشقية.
وختم الباحث أمين صعب حديثه بالقول: “سوق الحميدية ليس مجرد مكان تجاري، بل جزء حي من ذاكرة دمشق، هو ليس ماضينا فحسب، بل حاضرنا ومستقبلنا”.