عند تخوم جنيف..!!

ثورة أون لاين-بقلم رئيس التحرير:علي قاسم
كان من الطبيعي أن يكون التعويل على لقاء لافروف كيري آخر ما في الجعبة الدولية من محاولات لاستدراك ما يمكن استدراكه، قبل أن تتوقف عقارب التوقيت الدولي عند تخوم جنيف، أو تُرحل إلى موعد آخر، ذلك أن الأوراق المحمولة في حقائب الوزيرين تكفي لترجيح الكفة، فيما كانت الأوراق المضافة لاحقاً، تضفي على الانتظار السائد المزيد من عوامل الإثارة.

وجاءت جولات التفاؤل والتشاؤم المتناوبة لتجزم بمحورية اللقاء، وإن غلب عليها طابع من الواقعية النسبية، حين بدا الموعد أكثر بُعداً من حدوده الزمنية، وأبعد من مساحة القدرة على تحديد ما يمكن أن يصل إليه، في ضوء غلو الشروط والاشتراطات المتحركة وفق معايير تتعمد العرقلة، بحيث تبدو المهمة من الناحية العملية أكثر مشقة، في ضوء ما يبديه الأميركي من تثاؤب واضح حيال الكثير من خطوات التصعيد السعودية.. التي تقود حملة التعطيل والتفخيخ من دون مواربة!!.‏

ربما لم يكن مفاجئاً أن الأمور لا تسير على ما يرام بخصوص التحضير لإطلاق محادثات جنيف، كما تحدثت عنها روسيا قبيل بدء اللقاء الثنائي، بدليل هذا الكمّ الهائل من العقبات والعراقيل ومحاولات التسويف.. وصولاً إلى تشويه مضمون ونصوص التفاهمات المنجزة في فيينا والمثبتة في نيويورك، خصوصاً مع غياب حبكة واضحة تعيد تشبيك الخيوط المرتبكة.‏

ورغم الإحاطات الكثيرة بظروف ومعطيات رسمت خطوط التقاطع والتنافر بين الأميركيين والروس على المسار السياسي، فإن الترويج المسبق كان يشي بأن المحاولة الأميركية للاستئثار بالمشهد الدولي وصلت إلى نهاياتها، ولم يعد بمقدورها أن تبقي المراوحة في المكان سيدة الموقف، إذ كان لا بد من إعادة إطلاق المسارات المتوقفة، بما فيها الضاغطة، والتي تحولت إلى هواجس مقلقة لكثير من الدول الغربية، وإن بقيت دون مستوى الإقرار بذلك، بحيث تستجيب فيها أميركا لرغبة حلفائها وأدواتها أكثر مما تترجم رؤية أو نية جادة بالبحث عن الحل السياسي.‏

على هذا الأساس كان لقاء لافروف – كيري الحلقة الأخيرة في رحلة التعويل على الوقت قبل أن يُعلن رسمياً أن حدود ومساحة ما هو مسموح في السياسة لم يصل بعد إلى مرحلة تؤهله ليكون قادراً على صنع منعطف فعلي في المقاربة المنتظرة، حتى لو انعقد اللقاء في موعده، أو بعده بقليل، حيث الحسابات والمعادلات لا تكتفي بالاختلاف والتناقض، بل تنطوي على مجازفة غير محسوبة في الذهاب أبعد من حدود التعطيل المتعمد، وقد تنسف الجهد الدولي، إن لم تتمكن من توفير الحدّ الأدنى من المحددات الموضوعية القادرة على لجم ما ينتج من استطالات مرضية لكثير من الأدوات الأميركية.‏

فالاتفاق على الثقة المشتركة بالانعقاد لا يعني نهاية المطاف، ولا يؤشر إلى حتمية الانعقاد، فيما فرص نجاحه أو توفر الظروف الموضوعية لهذا النجاح من الطبيعي أن تكون موضع شك، بدليل ما رد به الناطق باسم الخارجية الأميركية عن التنظيمات الإرهابية قبل أن يغادر كيري زيوريخ، لأن المقدمات التي جاءت من خلال استفراد جهة بالقوائم المعلنة لا بد أن تقود إلى تلك النتائج، فهناك مغالطات سيكون لها تداعيات أكثر من خطرة، وتحديداً لجهة وجود ممثلين لتنظيمات إرهابية مثبتة ومعلنة وواضحة وصريحة.. والقبول بوجودها على طاولة المحادثات يعني خطوة نحو تبرئة سجلها الدامي، أو تبييض صفحة داعميها ومموليها، وهذا لا يخدم المسار السياسي، ولا يؤشر إلى صوابية في الاتجاه..‏

حضور الإرهاب في القائمة المعلنة أكثر خطورة من الإرهاب ذاته، حيث المعضلة في خطورة ما يؤسَّس له لاحقاً، وما يؤدي إليه من سوابق في الجهد الدولي الذي سيكون عرضة لانزلاقات أبعد من حدود الانعقاد أو عدمه، فالداعمون إذا ما قُدر لهم إحضار ممثل تنظيم إرهابي إلى طاولة المحادثات فسيبقونه ورقة مفخخة داخلها، ونقطة سوداء في السجل الدولي، لا نعتقد أن روسيا وكثيراً غيرها من القوى الفاعلة تريد أن يُسجّل في وجودها السياسي مثل هذه السابقة.‏

وحتى يُحسم ما هو معلق أو مؤجّل بما فيه موعد الوصول إلى محددات مشتركة من التفاهم الروسي الأميركي لما هو أبعد من نقطة الاتفاق على الموعد، وحتى يتم الفصل بين الأبيض والأسود، بحيث تنفكّ أولى عقد الخيوط المتشابكة، سيبقى المشهد عرضة لمزيد من التجاذبات العاصفة التي تريد أن تُبقي المسار متأرجحاً، وثمة مسار طويل.. ووقت أطول وجهته الوحيدة مقاربات لا تنفع معها النيات.‏

الثقة الروسية الأميركية بانطلاق المحادثات هذا الشهر يفترض أنها ليست من فراغ ولها ما يبررها بالتأكيد، وتتوافر مؤشرات داعمة لها، لكنها تحتاج إلى محاكاة مبدئية لنصوص وتفاهمات تنقذها مما أغرقتها الاجتهادات فيه.. وتعيد تجميع ما تناثر من خيوط جنيف على وقع محاولات الاستئثار والانتقائية والتفرد، وتحديداً تلك التي تقطعت بها السبل وسط سيل التكهنات الخاطئة.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
مؤتمر "سكريبت" في حلب.. صناعة محتوى وطني في عصر التأثير الرقمي تظاهرات بروكسل.. صرخة لوقف "مشروع تدمير الأوطان" من قبل وكلاء النظام الإيراني  وزير المالية يعلن فتح صفحة جديدة لملف القروض المتعثرة تعزيز التعاون بين وزارتي التربية في سوريا وتركيا الأمن الداخلي بريف دمشق يحبط عملية تهريب أسلحة إلى مناطق “قسد” الداخلية ترحب بتقرير "العفو" الدولية حول الأحداث في السويداء بينهم "المخلوع".. فرنسا تصدر 7 مذكرات توقيف ضد مسؤولين من النظام البائد مدخل دمشق الشمالي.. أرصفة جديدة وتنظيم مروري لتحسين الانسيابية محافظة دمشق: معالجة الانحدارات وتعزيز السلامة الانشائية في "مزة 86" بعد ترميمه بحجر اللبون.. عودة المشاة إلى شارع الأمين أردوغان: لن نترك سوريا وحدها وسنقف إلى جانبها دائماً سوق البيع في المعرض..إقبال على الغذائيات والشركات الصاعدة نحو الواجهة "غلوبال بيس ميشن" الماليزية..من الإغاثة الطارئة إلى دعم التنمية المستدامة في سوريا وزير المالية: خطوات جديدة لتحسين صرف رواتب المتقاعدين "الذرية" تعثر على آثار يورانيوم في موقع بدير الزور وتؤكد تعاون دمشق الجوز في طرطوس.. بين مشقّة الجني وغلاء الأسعار هل تقدم قمة "شنغهاي" نموذجاً جديداً للعلاقات الدولية محوره الصين؟ تحسين التغذية الكهربائية في دوما سوريا وإيطاليا.. تعزيز مسار العلاقات والتواصل لخدمة المصالح المشتركة تخفيضات تصل إلى 40بالمئة.. إقبال كبير على بازار "عودة المدارس" في طرطوس