ثورة أون لاين- خالد الأشهب:
برغم عظمتها وقوتها ومخابراتها وأدواتها «حلفائها».. الخليجيين وأموالهم والعرب وخذلانهم والأوروبيين ومصالحهم والإقليميين وأطماعهم، إلا أن أميركا عجزت ولسنوات عن العثور على معارضة سورية «معتدلة» وباعترافات أميركية..
إذا كان الاعتدال في المفهوم الأميركي يعني اللا تطرف الديني والطائفي، وإذا كان الاعتدال السياسي يعني الاحتكام لصناديق الانتخابات ومقتضيات اللعبة الديمقراطية!
ولعلني اليوم أحاول استيعاب التصريحات الأميركية، التي نفت أكثر من مرة، وعلى لسان الرئيس أوباما بالذات، وجود اعتدال في المعارضة السورية، تصريحات وصلت به إلى وصف هذه المعارضة بالفانتازيا ذات مرة، وبالفردية المزاجية في مرة ثانية، وذلك من خلال إعلانات هذه المعارضة ومفاهيمها وخرائط الطريق التي تصر عليها عناداً لا فهماً واستيعاباً، وبالمقارنة مع ما يصف المعارضون أنفسهم به ومع ما يطمعون أو يطمحون إلى تحقيقه؟
يدعون الديمقراطية والتنافس السياسي الحر النزيه والاحتكام إلى رأي السوريين وصناديق الانتخابات إذا توفرت لهم الفرصة.. لكنهم في المقابل يصرون مثلاً على «فترة انتقالية» تصعد بهم حصراً إلى السلطة وتقصي آخرين عنها .. دون رأي السوريين ودون ديمقراطية وصناديق!
يدعون التعددية والطيف الواسع من التمثيل الشعبي السوري سياسياً.. لكنهم في المقابل يتربصون بإقصاء أكبر وأوسع تمثيل سياسي للسوريين عبر عشرات السنين، البعث العربي الاشتراكي، فيتقلدون أوسمة الشرعية على صدورهم دون انتخابات أو استفتاءات أو اعترافات.. وينزعونها من فوق صدور الآخرين عنوة؟
يدعون العلمنة والارتقاء إلى ما فوق الدين والعرق والعشيرة، ويبازرون في الوطنية والمواطنة ما تحتهما وما فوقهما.. لكنهم في المقابل ينتظمون في صفوف المذاهب والأعراق والقبائل.. حتى لا يعرف المرء لهم وجهاً من مؤخرة، فلا هم في اليسار ولا في اليمين ولا في الوسط؟
يدعون التعددية السياسية فيما بينهم أحزاباً وتيارات، ويثرثرون في التنافس السياسي والديمقراطي على أساس التعددية والبرامج السياسية وخرائط الطريق.. لكنهم في المقابل أشتات لا تتحد إلا بالحقد والثأر وإقصاء الآخر، ولا تتحالف إلا على الدولة والشعب؟
يدعون الغلبة في تمثيل السوريين، ويجادلون في الوعي السياسي والتاريخي وفي العلمنة والمواطنة، ويثرثرون في مشروعيات الأغلبية والأقلية، ثم ليكتشف المرء أنهم إنما يتحدثون عن أغلبيات وأقليات دينية ومذهبية وعرقية لا عن أغلبيات وأقليات سياسية كما تقتضي الديمقراطية، وليكتشف مجدداً أنهم أحزاب وتيارات وأجنحة بالفعل.. لكن داخل جماعة طائفية واحدة؟
يدعون الثقافة وسعة الاطلاع والرؤية الشاملة ويفشلون في قراءة ساعات قليلة قادمة .. حتى ليظن المرء أن العالم في كوكب وهم في آخر، فلا ثقافة ولا قراءة إلا في ما تيسر من تعليمات وإملاءات تأتي من كلمتين .. ارفضوا وافقوا ؟
ولأن ديمقراطية أميركا لأميركا وليست للبيع أو التصدير أو التلقين، فستعجزون عن الشراء والاستيراد والتعلم إلى أن يرتقي الوعي فيكم إلى انتاج الديمقراطية لا استهلاكها !!