اللهاث الفرنسي.. من الوهم إلى التوهم..!!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
يأخذ الازدحام موضعه في رحلة السباق الأوروبي المحموم إلى حجز موقع قدم يراهنون به على تعويض ما فاتهم في قطار السياسة الذي تستفرد به روسيا وأميركا، فما كادت بريطانيا تعلن عن وجود قوات لها داخل الأراضي السورية،

حتى أفصحت فرنسا عمّا هو أكثر من ذلك، حين تسرّبت الأنباء عن شروعها بإقامة قاعدة عسكرية، في صفاقة سياسية غير مسبوقة.‏

الهوَس الاستعماري الغربي يستيقظ على أشلاء الدور المترنّح لورثة أضاعوا بوصلة التاريخ، وتاهوا في سياق البحث عن المواقع خلف جغرافيا لا تكتفي برفض وجودهم، بل أيضاً بلفظهم، وهم يحاكون صنوفاً من الرعونة والتهور وأضغاث الأحلام التي لا تمسي على ما تبيت، ولا تظهر ما تبطنه، لكنها عاجزة عن إخفاء دونية ذلك الوجود والدور الذي كان وسيبقى مجرد تابع هزلي يجترّ من أوهامه، ويعيد النفخ في القربة المثقوبة ذاتها.‏

المفارقة.. أن الأمر يُراد له أن يكون خارج التداول وأن يتم خلسة مثل سواه، خصوصاً بعد أن عجز الفرنسي وقبله البريطاني ومعهما الأميركي عن تنفيذ أي وعد قدموه.. أو أمر التزموه.. أو موقف أعلنوه.‏

هذا ليس كلامنا، بل رأي الفرنسيين برئيسهم وأحد أهم أسباب تدنّي شعبيته إلى حدود غير مسبوقة، وأحد أكثر المآخذ التي سجلوها على رئيسهم، مضافاً إليها بالطبع حجم الصفقات المشبوهة التي قضت على ما تبقى من مصداقية تدفع غالبية الفرنسيين لإشهار مواقفهم الرافضة لسياسات هولاند وطاقمه.‏

ما أقدمت عليه فرنسا لا يدخل في إطار المزايدة الفارغة على نظيرتها البريطانية ومن قبلهما أميركا فحسب، بل يعكس عقلاً استعمارياً غارقاً في تمنياته، وواهماً بالتأكيد في قراراته التي ستكون لها نتائج كارثية على الفرنسيين أنفسهم، وعلى من انتدبهم، فمكافحة الإرهاب ليست بالتسلل خلسة، ولا هي بالعدوان على سيادة الدول، ولا تكون باستغلال الإرهاب ليكون غطاء للأفعال المشينة، ولا بالاستقواء ببعض المرتزقة لتمرير ما عجزوا عنه بالسياسة وما فشلوا في تسويقه بالتهديد والوعيد والصراخ والضجيج السياسي وغير السياسي.‏

معضلة السياسة الفرنسية ليست في قِصَر رؤيتها السياسية، أو في ضمور مداركها، بقدر ما هي في قصور الذاكرة السياسية، وإفلاس خياراتها المسبقة منها واللاحقة، تحديداً ما يتعلق باستنساخ تجارب الاستعمار واستحالة تكراره تحت أي ذريعة، وحتى لو تغيّر الشكل واللون واللبوس والشعار، فهي كانت وستبقى كما هي بغيضة في وجودها، مرفوضة بحضورها. ولن تصلُح يوماً للقياس ولا للمعايرة. وكما كانت حقبة الاستعمار وصمة عار في التاريخ الفرنسي، ستكون خطوة اللهاث الفرنسي الأخيرة -أيضاً- وصمة على السياسة الفرنسية المعاصرة، التي يقودها موتورون وحاقدون وهواة سياسة ومراهقو مشاريع يستظلّون باللغة الاستعمارية الفاشلة.‏

بين الوَهْم والتوّهم تدور عجلة اللهاث الفرنسي في كومبارس يسابق الزمن، حيث الخطأ هنا ليس في الحسابات والمعادلات التي تتوّهم فرنسا عبرها أنها تحجز لها موقعاً أو دوراً أو مكاناً أو كرسياً على الطاولة السياسية، فهذا أبعد بكثير من قامة ساستها، بل في التوّهم أنّ بإمكانها التعويض، إذ إن الزمن لم يعتد أن يعود إلى الوراء.. والتاريخ لم يسبق له أن قَبِل بالتفسيرات المجتزأة، ولا بالحلول الترقيعية أو التبريرات التسويفية، فلكل فعل رَدُُّ فعل، ولكل عدوان طريقة رَدٍّ، ولكل اعتداء أسلوب مواجهة، وحذارِ من عودة التجريب بالمنطقة ومستقبلها وتاريخها ووجودها، حيث لا تحتمل التجريب ولا تقوى على استيعاب المزيد من المقامرات الطائشة ..!!‏

الفرنسيون الذين يتحضّرون لمعاقبة هولاند على سياسته من بوابة تدنّي شعبيته إلى أدنى حدّ وصل إليه رئيس فرنسي، مطالبون بتسريع لغة العقاب تلك، بل وبرفع صوت الاحتجاج الصامت، حيث لا مصلحة لفرنسا أن تكون حيث يريد ساستها أن يأخذوها، ولا يليق بتاريخ فرنسا وشعب فرنسا وموقع فرنسا أن تكون بهذا الهزال المقيت من الساسة الذين يرتضون فتات الطاولات السياسية الأميركية، أو بقايا ما تنتجه صفقات الشبهة إلى الحدّ الذي يقامرون فيه بعودة فرنسا إلى مستنقع الضغينة والكراهية التي ولّدتها سياسات غالت في نهب الشعوب وبالغت في تقمُّص دور كان أكبر بكثير من مقاس أولئك الساسة..!!‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
7 سنوات على استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في "خان شيخون".. والمحاكم الدولية لم تحرك ساكناً مازال أنين الضحايا يملأ الآفاق.. عبد الحميد يوسف أحد الناجين من المجزرة: 19 شهيداً من عائلتي بينهم ز... مجزرة "خان شيخون".. أهالي الضحايا بانتظار العدالة ومحاسبة القتلة الرئيس الموريتاني يهنئ الشرع بتوليه مهام رئاسة الجمهورية مسؤول أممي: 250 ألف لاجىء عادوا من الدول المجاورة إلى سوريا الشيباني: رفع العقوبات ضرورة.. وسوريا ستعبر عن نفسها لكل العالم The New Arab: سوريا ستحضر القمة العربية الطارئة في القاهرة  إنهاء العمل بقرار تنظيم إيرادات القطع الأجنبي شكل حالة ارتياح الغاز المنزلي.. أسعاره مرتفعة والحل في المنطقة الشرقية قمة طارئة للتعاون الإسلامي.. والأردن ومصر يجددان رفضهما طرح ترامب حول الفلسطينيين بمشاركة سوريا.. انطلاق القمة العالمية للحكومات في دبي أمطار غزيرة باللاذقية حتى يوم الخميس وثلوج على ارتفاع 800 متر بعد انخفاض أجرة السرافيس إلى ألفي ليرة.. سائقون لا يلتزمون بالتسعيرة توزيع بذار البطاطا مستمر في حماة.. و5 ملايين ليرة سلفة يدفعها المزارع تفنيد للشائعات السفير عبد الهادي لـ"الثورة": ترامب واهم والشعب الفلسطيني لن يكرر مأساة 67 و48 صديق وفي التعادل يفرض كلمته في ديربي مدريد سلتنا في قطر استعداداً للنافذة الآسيوية الثالثة مساعٍ لتشكيل لجنة تطبيعية في اتحاد الكرة.. الفيفا لم يوافق على لجنة التسيير فكيف بلجنة تطبيعية؟!