ثورة أون لاين:
بكثير من الدهشة والاستغراب، تترصد بعض وسائل الإعلام، ومثلها حشد ممن يقدمون أنفسهم على الشاشات الفضائية محللين وقراء حدث سياسي،
أخبار وتحركات بعض الشخوص السعودية التي تزور إسرائيل أو تلتقي إسرائيليين أو تحاورهم كأنور عشقي وتركي الفيصل وغيرهما،
فيذهب أحدهم إلى الدهشة وثانيهم إلى الذهول وثالثهم إلى الشجب والإدانة كما لو أن الأمر خارج عن سياق المعتاد ومخالف لسيرة وتاريخ ما، ويجتهد هؤلاء في نحت واستحضار كل ما يمكن أن يكون دليلاً أو قرينة على علاقة سعودية إسرائيلية نشأت للتو وها هي تتعمق وتتصاعد.
بالمنطق التاريخي، لا ينبغي لدلائل وقرائن الولاء السعودي لإسرائيل المتزايدة في الظهور يوماً بعد يوم أن تكون مفاجئة أو صادمة أو مذهلة لأحد. . خاصة لأولئك المشتغلين بالشأن السياسي، والذين يعرفون جيداً أنه ليس للعروش القائمة في المحميات الخليجية وأولها السعودية أن تستمر لولا الحماية الأميركية المستمرة منذ عقود ودون انقطاع.. ويعرفون أيضاً أن الحماية الأميركية تعني بالتداعي المنطقي أيضاً حماية إسرائيلية!
من هذا المنظور فإن شيكات المدعوين أنور عشقي وتركي الفيصل رئيس المخابرات السعودي السابق لا تصرف إلا من الرصيد الأميركي المعروف والمفتوح حصراً، ولهذا تظل مجرد هراءات لطالما كان هذا الرصيد عاجزاً أو غير متوفر في هذا الوقت، لكنها تستأنف قدرتها على الصرف حين ينوب الرصيد الإسرائيلي عن أصله الأميركي!!
دون حضور عسكري مباشر هذه المرة على طريقة جورج بوش. . فإن أميركا ومنذ مطلع ولاية الرئيس أوباما تعتمد في سياساتها الاستراتيجية في المنطقة على من تسميهم “ حلفاء وأصدقاء “ كما أخبر الرئيس أوباما حرفياً النيويورك تايمز وتوماس فريدمان منذ أشهر، ويبدو أن بعضاً من هؤلاء الحلفاء فشل فشلاً ذريعاً، في ترجمة السياسات الأميركية كالسعودية وقطر وتركيا، لأنها في الأصل محميات وأعجز من أن تمارس الحماية، وحان الآن دور الحليف الإسرائيلي الأخير والحقيقي، وما العشقي والفيصل هنا سوى “ فراطة “!
السياق الطبيعي والواقعي لتصنيف وتحليل الأدوار الخليجية والتركية في المنطقة العربية هو سياق الولاء الكامل لأميركا. . بمعنى الأطراف المربوطة إلى المركز الأميركي والدائرة حوله، في حين أن لإسرائيل موقع مختلف إذ هي جزء من المركز يمثله وينوب عنه، وإذا كان لأميركا أن تتولى تحقيق المصالح الإسرائيلية في المنطقة طوال العقود الماضية، فإن من الطبيعي أن ينوب الجزء الإسرائيلي عن غياب بقية مركزه الأميركي، وأن تلتحق بالجزء الأطراف المربوطة بالمركز أصلاً.
آل سعود لا يبنون علاقات جديدة مع إسرائيل ولا يطبعون علاقاتهم معها. . فهي موجودة وطبيعية أصلاً ولو لم تأخذ شكل السفارات والزيارات والاتفاقات، والمسألة ليست في شكليات زيارة واستقبال وحوار بين الجانبين، بل هي في النيابة الإسرائيلية الراهنة عن الأصالة الأميركية الدائمة!!
خالد الأشهب