ثورة أون لاين – أسعد عبود:
يطلق تعبير جريمة ثقافية على التعدي على حرمات الابداع والانتاج الثقافي. لم يندرج في التصنيف الحقوقي – غالباً – جريمة ثقافية تصل حدود القتل. مقتل الكاتب اليساري الأردني ناهض حتر مضافاً إلى اغتيال ومحاولات اغتيال مبدعين كثر آخرين « نجيب محفوظ..
نصر حامد أبو زيد…ناجي العلي.. سليمان رشدي.. « تجعل من الضروري ادخال الجريمة الثقافية بين تصنيف جرائم القتل.
لا شك أن جريمة اغتيال ناهض حتر يمكن تصنيفها كجريمة ارهابية.. أو.. سياسية… أو جنائية … لكنها بالتأكيد جريمة ثقافية فكرية بامتياز !؟
لا أريد أن أخفف من وقع الجريمة بوصفها « ثقافية « انما اريد أن أوضح أنها وإن كانت سياسية بأسبابها مخابراتية بشبهاتها ارهابية بأدائها… هي نتاج مباشر لصراع ثقافيٍ دامٍ بين ثقافتين.. يسارية علمانية.. ويمينية رأسمالية دينية.
اغتيال حتر هو صفحة حديدة في انحسار اليسار العلماني وتراجعه على محورين:
محور الوجود والتألق وطرح الجديد في مقاومته لتقدم نيران الأتون الرأسمالي…
ومحور التراجع والانسحاب من قبل جهابذة اليسار من أجل حفنة من الدولارات وفرصة عمل في خليج النفط أو تسكع على أرصفة الغرب الرأسمالي.
لن أغرق في التكييف الحقوقي لهذه الجريمة النكراء.. لكنني لن أتجاوز بعض المؤشرات التي تؤكد طابعاً ثقافياً لها.
ما زال في العالم معسكران.. واحد يتقدم مستغلاً التراجع الثقافي للآخر..
معسكر اليمين يشمل « تكفير.. تطبيع.. اميركا.. بهذه البساطة..
بالبساطة نفسها يكون معسكر اليسار ((مقاومة… استخدام العقل.. أولوية شعوب العالم ببلدانها..))
وراء كل معسكر … ثقافة أو اتحاد ثقافي. يتصرف بشكل سياسي شبه مفضوح أو شبه واضح.
حتر لم يكن بثقافته الواضحة تماماً… رجلاً صدامياً لا مع الدين ولا مع غيره.. كان واضحاً في وقوفه مع المقاومة ضد التكفير والتطبيع وطغيان البترودولار. تم قتله بصمت ملتبس خصوصاً من الأمن الأردني الذي رفض تقديم الحماية له ولعائلته رغم الدعوات المتكررة العلنية على وسائل التواصل «الاجرام» الاجتماعي لقتله؟؟؟!!!.
وسط هذا الصراع الثقافي القاتل… على الأردن أن يفكر بما بعد.. على اليسار.. كل اليسار أن يفكر بما بعد… على العلمانيين كلهم أن يفكروا بما بعد… الثقافة المواجهة مستمرة بالتوسع والانتشار والتوحش… والقضية أبعد من أن تكون مع الحكومة السورية أو ضدها…؟!
قالت معارضة سورية تعيش في الخليج وقد امتهنت طويلاً الكتابة: إنها تعتقد أن سورية هي التي قتلت حتر.. هكذا بمنتهى الغباء تحاول ببلاهة أن تصنع غطاء للمجرم والجريمة التي ليس لها ما يغطيها.
أكبر من ذلك وأهم.. إليكم الخبر منقولاً عن شاشة الـ b b c:
اغتيال الكاتب الأردني ناهض حتر بعد شهر على نشره رسماً يسيء للذات الإلهية !!
إذاً برأيهم أن للجريمة ما يبررها بهذا القدر أو ذاك…
سأختصر الآن لأسباب فنية لأقول موجهاً كلامي للأردنيين ولاسيما منهم الشامتين اليوم بأحوالنا.. انتبهوا إلى اختيار موقع الجريمة.. إن فيه استعراضاً ثقافياً.
as.abboud@gmail.com