هل نتعلم ..هل نعود..؟ حياة أجدادنا جعلت للحياة طعم.. و تأقلمهم مع العادات الاستهلاكية البسيطة قهرت العوز..
ثورة أون لاين: تحتل المتطلبات المعيشية المرتبة الأولى من اهتمام الأسرة، لذا تحرص ربة المنزل على ضرورة التنوع في اختيارها ضمن حدود الامكانيات المادية المتاحة
إلا أن الوقائع تشيرإلى أنه: مهما كانت الامكانيات المادية بسيطة أومتواضعة، لايخلو الأمر من الإسراف في الطعام والشراب والثياب والماء والكهرباء وباقي متطلبات الحياة.
التقدير الصحيح
ومع ازدياد الضغط على بعض السلع، واحتكار التجار لبعضها الآخر ورفع أسعارها أصيبت الجيوب بالإفلاس، فكان التوجه إلى ترشيد الاستهلاك وهذا ماأكده المهتمون بالشؤون الاقتصادية للأسرة الذين وجدوا الحل بعدم الإسراف من خلال الشراء بقدر احتياجات الأسرة فقط وبكميات قليلة للحفاظ على الصحة العامة أولاً واستمرار توازن الميزانية المنزلية ثانياً، وهذا مناط بربة المنزل التي تعرف احتياجات أفراد أسرتها من تلك الوجبة أوالفاكهة، فالتقدير الصحيح مهم جداً في عملية ترشيد الاستهلاك حتى في أوقات العزائم أو الولائم، لأن الإسراف بالكميات لايعد كرماً بل هدراً للوقت والجهد أثناء عمليات التحضير والمال خلال عمليات الشراء.
الإسراف أوقعنا بالفخ
ويضيف أصحاب الشأن بالاقتصاد المنزلي: أن الترشيد أيضاً يتم من خلال متابعة مايتم عرضه في الأسواق، من عروض تتميز بتخفيض أسعار السلع وشرائها شريطة أن تكون هذه المواد قابلة للحفظ بالعوامل الطبيعية فيما رأى أرباب المنازل أن أهم الطرق الكفيلة بترشيد الاستهلاك دون الوقوع في فخ النقص أو الحاجة من خلال العودة لما يسمى في مجتمعنا «بالمونة» التي تعمد ربات البيوت إلى صنعها في أوقات المواسم لكل منتج أو محصول فتضمن بذلك وجود المادة بين يديها باستمرار
دون خوف أو قلق من فقدانها أو ارتفاع أسعارها، ولعل ابتعاد الكثيرين عن هذه العادات بذريعة ضيق الوقت، أوعدم القدرة على تحمل أعباء إعدادها وتحضيرها أو بحجة توفر المادة جاهزة في الأسواق قد خلق ضغطاً على العديد من المواد ورفع سعرها المرتبط «بالعرض والطلب»، وهذه ناحية أما الأخرى فإن ابتعاد هؤلاء قد ولدّ دافعاً عن البعض الآخر الذي اتخذ من «المونة» مشروعاً رائجاً لايحتاج لدعايات إعلانية ورابحاً لقلة تكاليفه وسهولة توزيعه حسب رأي يوسف الطالب الجامعي في كلية الآداب بدمشق والذي قال: تعتبر السياسات الاقتصادية الأسرية عنصراً فاعلاً في الاستقرار الاقتصادي لعدة أسباب أهمها امتلاكها لحرية الحركة دون الخضوع لقيود الموافقات والروتين كما تتمتع بقدرتها على اجتياز المعوقات والحواجز من ناحية جمع رأس المال أو الحصول على موارد ضرورية لصناعتها أو تأمين متطلباتها، إضافة لتميزها بسرعة الوصول إلى السكان المحليين الذين قد لاتطالهم الصناعات أو المنتجات الحكومية فتكون بذلك الجهة الأقرب إلى نبض المجتمع المحلي أو الفقير لقلة تكاليفها وتصنيعها وسهولة نقلها وتسويقها ويضيف أنا طالب جامعي اعتدت مع عائلتي على تأمين متطلبات منزلنا بالطريقة اليدوية «لكنني لاحظت هذا العام ابتعادمعظم العائلات والأسر عن هذه العادات، لالشيء إلا لأنهم اعتادوا على المنتجات الجاهزة أو تهرباً من العمل الذي يحتاجه تحضيرهذه المواد، فأعلنت أنني سأضع البرغل بالطريقة المتعارف عليها، وبالفعل خصصت /2/ طن من القمح وبدأت بعملية سلقها ثم تنشيفها ثم طحنها وإعادة نشرها وفرزها بحسب معرفتي بحاجات أهل الضيعة «ناعم وخشن» وما إن انتهيت من هذه الأعمال حتى كانت معظم الكمية قد نفدت وبأسعار لم أكن أتوقعها فوصل سعر الكيلو غرام لـ /65/ ليرة دون أن اتكلف أي مصاريف تذكر، فالنار من بقايا الأشجار والماء متوفر ومن مادة البرغل وحسب الطريقة المتبعة صنعت «الكشك» ونفدت مجمل الكمية أيضاً وبلغ سعر الكيلو غرام /300/ ليرة فيما كان سعره بالأسواق مايقارب /500/ ليرة سورية.
وبحسبة بسيطة للعملية نجدأن كغ البرغل قد كلف مع أجورالنقل والطحن /40/ ليرة وكغ الكشك بـ /100/ ليرة وهي مواد متوفرة لجميع أبناء البلدة أي كان بإمكان كل شخص أن يوفرعلى نفسه الأرباح التي إن جمعناها للمواد المطلوبة في المنازل شكلت ميزانية بحد ذاتها-ويضيف قائلاً:ولأننا من قرية مشهورة بالأشجار المثمرة ولاسيما التفاح الذي نواجه صعوبة في تسويقه ونقله، كان لابد من البحث عن طريقة لضمان الفائدة منه.
فعمدت إلى قطاف مايقارب /3/ طناً منه وتقطيعه ووضعه في براميل تحضيراً لاستخراج خل التفاح منه، وبمجرد وصول الخبر لأهل البلدة والبلدات المجاورة بدأت التوصيات على الكمية، مايدل دون أدنى شك على سهولة التصنيع والتوزيع والرغبة بالمنتج البلدي وربحه الأكيد نظراً لقلة تكاليفه مايرسم بدوره الكثير من إشارات الاستفهام حول عزوف أهالي القرى والبلدات عن مثل هذه الأعمال التي كانت رائجة في كل بيت فيمامضى من الزمن.،
«المونة» مشروع اقتصادي رابح
اقتصادياً يحسبها الطالب الجامعي فيقول: إن احتسبت ثمن المواد الخام وحسمتها من ثمن المبيع كانت أرباحي مايقارب /50/ ألف ليرة خلال شهري الصيف في البلدة إما إن اخذت بعين الاعتبار أن المواد هي من منتجات أرضنا ولم أدفع ثمنها فأكون وبحسبة سريعة ومشروع صغيرقد جنيت /100/ ألف ليرة سورية.
بإمكانها أن تكفيني حتى الموسم المقبل الذي أفكر أن أوسع مشاريعي فيه لتطال مربيات المشمش والتفاح وكافة المنتجات الأخرى.
الاستغناء عن السوق
أما السيدة هنود ربة منزل من الريف الحمصي فقالت: بإمكاني أن أعيش مع عائلتي شهوراً دون أن احتاج أي شيء إلا المستلزمات اليومية وكل ذلك من خلال منتجات بيتية وصناعة يدوية أنجزها في العطلة الصيفية من منتجات الأرض، فمن المشمش أصنع المربيات بكل أنواعها وبكميات تكفيني حتى الموسم الجديد ومن المزروعات أصنع «المكدوس» بمكوناته «باذنجان والفليفلة والجوز والزيت» ومن القمح أصنع البرغل بنوعيه والشكك ومن شجرة الكرمة أحفظ «اليبرق» لأيام الشتاء ومن التفاح أصنع المربيات والخل ومن شجر الزيتون أعصر مايلزمنا من الزيت ونحضر الزيتون بأنواعه كافة الأسود والأخضر، كما أحضر كافة المشتقات الحيوانية كاللبن المحفوظ بالزيت والجبن والشنكليش وتضيف السيدة هنود كذلك أعتدنا حفظ الخضاروالفواكه بطريقة لاتحتاج «للتبريد» ولاتكون عرضة للتلف عن انقطاع الكهرباء بطريقة التقديد كالباذنجان والباميا والفول والبازلاء والنقوع «المشمش المجفف والتين والزبيب للعنب وغيرها، كما اعتدنا حفظ البندورة بالطريقة الطازجة كعصرها وحفظها، بزجاجات ضاغطة تستعمل أيام الشتاء.
نأكل مما نزرع
وتحسبها السيدة هنود فتقول: إذا حسبنا ثمن المواد الخام لهذه المنتجات ومقارنتها مع سعرها بالأسواق لوجدنا الفرق أضعافاً مضاعفة مايعني أن الاعتماد على الذات والحفاظ على عاداتنا الاستهلاكية والاقتصادية لوفرتا الكثير من النفقات، وهذه ناحية أما الثانية أننا بهذه الطريقة نحصّن عائلاتنا من أي ظرف طارئ قد يحصل، فبلدنا بلد خير ومنتج ويجب أن نصمد بقليل من الحكمة والعودة للطبيعة ضد أي حصار مهما كان لأننا نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع.
حياتنا مرتبطة بالموسم
ومع تنوع مجتمعنا يوجد عالم غني اقتصادياً تتعدد وتختلف فيه طرق وأساليب الاقتصاد والأسري أو المنزلي المرتبط بشكل كبير بالتغيرات والتحولات السياسية والاقتصادية والطبيعية ففي العديد من مناطقنا يكون الاعتماد على مواسم «الحمضيات أو الزيتون أو الدخان الذي يحتاج لعمل شاق ومتابعة دقيقة وغالباً مايكون تحت رحمة العوامل الجوية ومع ذلك فحياة سكانها مرتبطة كلياً بالموسم حسب تعبير السيدة هناءزخور من ريف ساحلنا الجميل والتي قالت: يتم بيع هذه المحاصيل في الأسواق أو «الريجة بما يخص الدخان يتم جلب عوضاً منها المواد التي يمكن تموينها وصناعة مايلزم الأسرة من متطلبات غذائية وحياتية وحسب تعبير الزخور: اعتمدت هذه البلدات لأعوام خلت على طريقة التموين من الطبيعية وبطرق طبيعية دون اللجوء للبرادات واستخدام الكهرباء وقد أثبتت تلك الطرق فاعليتها من عقود مضت حيث كان الذهاب من القرية إلى المدينة عملاً شاقاً لذلك كنا نعتمد على إحضار المواد القابلة للتخزين لفترات طويلة الأمر الذي لابد من الحفاظ عليه والعودة له لضمان حسن التوفير والاستهلاك والاستمرارية.
التنور.. للسياح فقط
ففي بلادنا خيرات كثيرة ومن أرضها نأكل ومن لايعرف «الخبيزة والهندبة والقرص عنة والكريت والدردار الفدرية وغيرها من الأعشاب التي تعتبر وجبة غذائية ومن لايعرف الأعشاب المفيدة في المشروبات كالزوفا والشيح والبلان واكليل الجبل والزعتر والنعنع البري والحلف والمريمية والبابونج وغيرها.. ومن لايتذكر الصاج أو التنور الذي كان متوفراً في كل بيت لصناعة الخبز فيما نراه اليوم تراثياً يجذب السياح والزائرين فصار مصدر رزق ومشروع عمل لعائلات كثيرة. هجرنا الأرض والزراعة ودفعنا الثمن ولكن كل هذه العادات بنظر السيدة زهورتشهد انقراضاً في أيامنا هذه لأسباب كثيرة أهمها الاعتماد الكلي على الدولة التي أمنّت الأسواق وجميع متطلبات الحياة وبشكل يومي وفي أي ساعة تشاء إضافة لهجرة أغلب سكان الريف إلى المدن والتزامهم بوظائف عامة ماأبعدهم عن الأرض وماتتطلبه من جهد ووقت ماخلف تصحر الأراضي الزراعية وبالتالي النقص بمنتجاتها.. ولكن لذلك ثمن ندفعه حيث غلاء السلعة وجودتها، فطالما كان الرائج أكثر لاسيما في المجتمعات الصغيرة والبلدات البعيدة هو المنتج اليدوي أو مايسمونه «البلدي» وهذا أفضل بالطبع من حيث تخفيف الضغط وتأمين الحاجات الضرورية ذاتياً مايضع حداً لابتزاز التجار واحتكارهم لهذه المواد.
الحضارة لاتعني ترك الماشية
أما السيد فايز عبود أبو أحمد من المنطقة الشرقية فقال: أنا مع التطور والحضارة بكل أشكالها ومعانيها ولكن هل تعني الحضارة أن نترك أرضنا دون زراعة أو ماشيتنا دون عناية ونذهب للمدينة ونعمل عملاً غريباً عنا وعما نتقنه فأنا رب أسرة وأب لثلاثة أولاد وجميعهم في المدارس أعيهلم من خلال قطعة أرض وبقرتين يكفياني وأسرتي بجميع متطلبات الحياة، فمن حليبهم أصنع جميع المشتقات الحيوانية فآخذ حاجتي منها وأبيع الباقي دون أن أبذل أي عناء في بيعها، وهناك أناس ينتظرون دورهم بوجبة الحليب وغيرها، خاصة بعد أن هجر معظم الناس مثل هذه الأعمال وبانتظار مولد للبقرة «إن كانت عجلة ربيتها لتصبح منتجة مستقبلاً وإن كانت عجلاً سمنته وبعته بتلك الحسبة» وبالحالين الأمر رابح تماماً كما أستخدم الروث كسماد طبيعي للأرض التي أزرعها بأنواع مختلفة من الخضار التي أموّن منها وأبيع الباقي إضافة لزراعتها بالقمح الذي أستخدمه لصناعة البرغل والدقيق الخاص بالخبز الذي نصنعه يدوياً على التنور ونستخدم مخلفات القمح «التبن» كعلف للماشية وعليه فالحياة بالنسبة لي ولعائلتي حلقة متكاملة لدرجة لم أشعر بأي ضائقة تذكر طيلة الفترة الماضية.
تبذير غير مبرر
بالمقابل هناك عادات استهلاكية خاطئة وتبذير غير مبرر في الاقتصاد المنزلي عند بعض الأسر إذ يقول تميم يوسف موظف بدوامين أقصد السوق بين الحين والآخر وأجد من الثمار والخضار «كل حسب موسمه فآخذ من كل نوع صندوق بعشرات الكيلوغرامات أكان تفاحاً أو موزاً أو ليموناً أو بندورة وغيرها لأسباب عدة منها أنني أجد سعر عرضها مناسباً وأرخص من المحلات في منطقة سكني ولأنني ألمس رغبة أفراد أسرتي بتناولها، وأضع جميع ما أحضره بالبراد بحيث لايبقى متسع لأي شيء آخر «لكنني أفاجأ بعد عدة أيام أن أفراد الأسرة لم تتناول سوى القليل فور وصول المادة للمنزل فيما تعرض القسم الأكبر منها للتلف.
خسارة مادية
وأضاف يوسف: الأمر ليس حكراً على الفواكه والخضار ولكن ذلك يطال جميع الأطعمة واللحوم والخبز وغيرها وهي عادة أتبعها منذ مدة لضيق الوقت وعدم وجود من ينوب عني بمثل هذا العمل في المنزل الذي يكلفني الكثير في أيامنا هذه نظراً لساعات التقنين بالكهرباء الذي يعرضها سريعاً للتلف فأخسر أنا مادياً وأحرم غيري وأكون سبباً من حيث لاأدري في الضغط على هذه المادة أو غيرها..
عادات استهلاكية جيدة
على النقيض تماماً قال المهندس ابراهيم خليل: أنتظر العائلة أن تطلب نوعاً ما من الفاكهة لأحضرها لهم وبالشكل الذي يكفيها فقط، ليس بخلاً أي أحضر حاجتي فقط فلاداعي للتخزين لأن المادة متوفرة دائماً أما تخزينها فسيعرضها للتلف مايحرمني منها أنا وغيري ويتسبب بأزمة بهذه المادة إن قصد كل منا تخزينها دون داعٍ، فأتناولها طازجة عوضاً عن تناولها مجمدة ومفرزة يفقدها الكثير من خواصها وفوائدها، وأحدد مايكفيني لمثل هذه الحاجيات التي صار من السهل تقديرها بدقة، أما في حالات الولائم أو الزوار المفاجئين، فالمحلات المجاورة كثيرة ويوجد فيها كل شيء وعلى مدار الساعة بدوره يصف الاقتصادي وسام عيسى عادات ريفنا بصناعة «المونة المنزلية» بالمشروع المربح حيث يقول: إن العادات المتبعة في الصناعات المنزلية لاسيما الغذائية منها هي بحد ذاتها مشاريع اقتصادية لأن غايتها التوفير وهو بحد ذاته ربح وإن توسعت مثل هذه العادات لتطال التصنيع والبيع صار هدفها التوفير والربح المؤكد وبالتالي هي مشاريع حقيقية لأن المشاريع تتشابه من حيث المبدأ كبيرة كانت أم صغيرة لأن لها جدوى اقتصادية وتتبع الأسلوب ذاته، أي لها احتياجات يجب توفرها، ودراسة واستخلاص عوامل نجاحها أو فشلها ثم حساب العمليات المتبعة بتحضيرها من البداية إلى النهاية من حيث الموارد التي تحتاج إليها وإمكانية الحصول عليها وتكاليفها ودراسة المهارات التي تتطلبها ومدى توفرها ثم الاستطلاع عن الأسعار المتعارف عليها لتحديد سعر مبيعها مع تأمين الزبائن للمنتج ودراسة المشكلات التي ممكن أن تواجهها وطرق تخطيها.. وجميع هذه العوامل متوفرة بالأرياف حيث المهارات التي اكتسبت من تكرار عمليات التصنيع وقرب المحصول من مكان معالجته وسرعة انتشار الخير والرغبة بالمحصول على المنتج الذي يعد بالنسبة لهم بلدياً مئة بالمئة ويختم عيسى قائلاً: الاقتصاد المنزلي لم يعد حكراً على صناعة المونة وتأمين متطلبات الأسرة، بل صار عالماً بحد ذاته وله كليات اختصاصية ومناهج دراسية متكاملة مايدل على أهمية الاقتصاد المنزلي ودوره في العملية الاقتصادية..
واستقرارها لأن المنزل الذي يشهد اضطرابات مالية هو البيت الذي لايلتزم بميزانية محددة.
يحد من الفقر ويخلق فرص عمل
ويرى الدكتور محمد سعيد الباحث بالشأن الاقتصادي أن للقطاع الأهلي- غير الحكومي دوراً هاماً في تحقيق الأهداف المتعلقة بالتخفيف من الفقر والاسهام في تنفيذ مشاريع تطال بفائدتها المنطقة بكاملها مايؤدي لتوليد فرص للعمل وتحسين أوضاع المناطق الفقيرة والنهوض بأوضاع أسرها المعيشية، دون أن يمنع تنفيذ هذه المشاريع من تنفيذ برامج الرقابة على السوق لرعاية أوضاع المستهلك والحد من مظاهر الاستغلال والاحتكار والفساد التي تعتبر من واجبات كل مواطن، لأن التفاعل والشراكة بين القطاعين الحكومي والأهلي يوفر مناخاً ملائماً لإنجاز مشروعات التنمية بفاعلية، وقد أكدت الدراسات والأبحاث في دول عدة أن القطاع الأهلي وسكانه أقدر من الحكومات في كثير من الأحيان من حيث تنفيذ مشاريعها في المناطق النائية بكفاءة عالية وتكاليف أقل مايسهم لدرجة كبيرة في خدمة المجتمعات المحلية، فبينما كان الاقتصاد المنزلي قديماً مجرد دراسات لعمليات الطهي والغسيل والكي والتفصيل والخياطة.
أصبح علماً يختص بدراسة واحتياجات الأسرة ومقوماتها على مستوى البيئة الاجتماعية ويهدف لجعل كل منزل مريحاً، مناسباً من الناحية المعيشية وسليماً من الناحية الاقتصادية والعلمية والجسدية ومسؤولاً مشاركاً من الناحية البيئية والاجتماعية، بحيث يمكن القول: إن خبراء الاقتصاد المنزلي دوراً أساساً بالنهوض بالمجتمع لأنهم أخذوا على عاتقهم العمل لرفع مستوى الأسرة لقناعتهم بأن مكاسب المجتمع وتقدمه إنما تنبع من الأسرة الخلية الأساسية للمجتمعات.
المصدر: جريدة الثورة- تحقيق: عدنان سعد – ملحم الحكيم