ثورة أون لاين – خالد الأشهب:
انتهت قمة الدول السبع الكبار المنعقدة في جزيرة صقلية الإيطالية قبل أيام قليلة.. انتهت إلى تحقيق جزء صغير مما كان يدور في خاطر الغربيين عامة أوروبيين وأميركيين، ما دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى تقرير حقيقة أن “ على الأوروبيين أن يعتمدوا على دولهم ويقرروا مصائرهم بأنفسهم “ !
دعوة السيدة ميركل إلى الاعتماد على الذات تستبطن اعترافاً غير مباشر بأن الأوروبيين يعتمدون على الأميركيين في مسائل كثيرة أقلها الاقتصاد وأكثرها السياسة الخارجية واستراتيجيات التعاطي مع الأحداث الدولية، وتدلل على أن إدارة الرئيس الأميركي ترامب الحالية لم تمنح الأوروبيين أملاً في أن يستمر الاعتماد الأوروبي على أميركا كما كان طوال عقود من الزمن !!
ومنذ إطلاق مشروع مارشال الأميركي لإعادة بناء أوروبا المدمرة نتيجة الحرب العالمية الثانية التي دارت على أرضها، وحتى بعد قيام الاتحاد الأوروبي، كانت الولايات المتحدة تتحمل العبء الأكبر في قيادة ما يسمى “ العالم الحر “.. ليس في ميادين السياسة والحرب فقط، بل وحتى في تقرير حجوم الحصص المدفوعة لتمويل هذه السياسات وتلك الحروب ولوازمها من تحالفات أوروبية أميركية داخل المنظمة الدولية وتشريعاتها أو خارجها كاحتلال العراق وأفغانستان على سبيل المثال؟
دعوة الرئيس ترامب في قمة صقلية بوجوب أن تدفع الدول الاوروبية حصصاً عادلة من تمويل حلف الناتو من جهة، وفي المقابل رفضه الإذعان لاتفاقية باريس للمناخ من جهة ثانية، وضعا أوروبا، ولأول مرة منذ عقود من السنين، على صفيح أميركي ساخن، وأعادا إنعاش الذاكرة الأوروبية بأن من المحال دوام واقع الحال الذي كان قائما إلى ما قبل ترامب.. خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟
الخيبة الأوروبية لم تأت فقط من توجهات إدارة ترامب الأميركية فقط، بل ومن محاولات التمرد “ ذاتية المنشأ “ التي تشهدها بعض الدول الأوروبية ضد مؤسسة الاتحاد الأوروبي، والتي دشنتها بريطانيا وكادت فرنسا أن تلتحق بها لولا يقظة عالم الرأسمال وتزويده الساحة الانتخابية الفرنسية بمانويل ماكرون في اللحظات الأخيرة بعد انهيار مرشحي اليسار والوسط؟
دونالد ترامب ورغم حملته الانتخابية الصاخبة، إلا أنه بدأ باستقطاب قلوب الأميركيين بعد أن أجرى تعديلاً كبيراً على وعوده ودعواته وتهديداته.. خاصة بعد رحلته الخارجية الأولى إلى السعودية وقد عاد بها بمئات مليارات الدولارات فضلاً عن تطويع العالمين العربي والإسلامي سياسياً، فماذا لو استمر إلى نهاية ولايته الرئاسية مخالفاً الكثير من التوقعات المخالفة، بل ماذا لو تم التجديد له ثانية؟
السؤال الأهم بالنسبة إلى الأوروبيين.. إذا كان هذا شأن أميركا وبوصلتها الجديدة، فماذا عن بوصلتهم هم؟ وهل يواجهون مصائرهم كما تدعوهم ميركل تحت علم اتحادهم أم منفردين كما تحاول بريطانيا النجاح به اليوم؟؟