ثورة أون لاين – أسعد عبود:
يحكى عن الدول الاوربية المتقاتلة في الحرب العالمية الثانية، التي فتكت ببعضها و بالعالم بلا رحمة، انها كانت تحرص كثيراً على استمرار عمل المحاكم.. يعني القضاء.. أو العدالة.. فتتفقد بعد كل قصف تتعرض له أول ما تتفقد المحاكم.
هم كانوا حريصين على العدالة بينهم ولهم ولشعوبهم و ليس لغيرهم. كثيراً ما خاصموا العدالة و خاصموا القضاء و رفضوا قرارات المحاكم.. وأكبر دليل على ذلك هي تلك الحرب نفسها التي شوت العالم.. بعيداً عن أي عدالة أو حكم قاضٍ ..
في تلك الحرب، ورغم شدة رفضنا للنازية والفاشية والعنصرية والهتليرية.. لم تكن جرائم الحرب تتوزع على مجرمين في المحور وعادلين معتدلين بين الحلفاء..ابداً.. يكفي أن تقرأ التاريخ، لتعرف مدى الاجرام الذي وقع فيها من كل أطرافها..
هل يمكن أن نصف ما جرى لمدينة هيروشيما، بأنه عمل عادل مبرر لأنه وقع من قبل الحلفاء..؟؟ كذا ما حصل لمدينة درسدن الألمانية، المشابه لما حصل في مدينة الرقة السورية … ؟؟ انه ارهاب لا يمكن اخفاؤه وراء مزاعم محاربة داعش.
على كل حال ليس هذا مقصد الحديث.. بل مقدمة للإشارة إلى أهمية و خطورة القضاء..
نحن شاءت الاقدار أن يكون لنا حربنا.. حرب مورس فيها كل أشكال الجريمة والعنف والارهاب.. و لم يسلم من ذلك، لا المحاكم ولا القضاء.. بل على العكس من ذلك كانت العدلية عموماً هدفاً للإجرام و الارهاب.. فبرأي الارهابيين معتدلين وغير معتدلين أن التراث السوري في القضاء و انشاء قواعد العدالة و توثيق اعمال و اجتهادات المحاكم.. هو نوع من الكفر يجب القضاء عليه ؟!.
ينسى المجرمون أن في سورية أول كلية حقوق في الدول العربية.. و هي أول كلية تدرس الحقوق باللغة العربية.. و منها تخرج عرب كثر بينهم من قاد العدوان على سورية و سكت على الجريمة بحقها و تآمر على شعبها من مواقع شتى تصل حدود الوزراء و المحافظين و أكثر من ذلك..
الرد على ذلك كله يكون بقيامة القضاء السوري.. لا أظن أن في حياتنا الاجتماعية أوالسياسية أوالثقافية.. أوغيرها ..ماهو أهم و أكثر الحاحاً من القضاء .. بدلالة الامور التالية :
– نحن و من قبل الاحداث لم يكن القضاء عندنا في وضع مرضٍ.. بطء في فصل الدعاوى ..و حديث الفساد على كل لسان .. وتراجع في مستوى الاعداد للقضاة .. بالمختصر لم يكن المواطن السوري يجد في القضاء ملجأه الدائم و الفعلي للوصول إلى كل حق له. واسطة ما حتى ولو متواضعة قليلاً أفضل من أي محكمة أو قاضٍ لتحصيل الحق.
as.abboud@gmail.com