انتماء

ثورة أون لاين – ديب علي حسن:

في عصر المتغيرات التي تعصف بكل شيء جميل, يبدو أن الاقتلاع من الجذور والهوية والمكان, بل ومن الزمان, هي صفات وسمات هذا الجنون الذي على ما يبدو انتقل من البشر إلى البقر, فأعادته قطعان المواشي إلى من صدره إليها شاكرة مع بطاقة تقول :لسنا إلى هذه الدرجة من غريزة القطيع , صحيح أننا بقر , لكن شيئا من الثبات على الأرض والانتماء إلى فصيلتنا يجعلنا نبتعد عن جنونكم هذا ..‏

ولايظنن أحد ما أن الأمر قد يكون تخيلا , فما اكثر قصص الوفاء والانتماء التي سمعناها , وقرأنا عنها عند الحيوانات حتى تلك المتوحشة منها , عندما تفتك بأم جراء صغيرة تعمل على تربية الصغار حتى تكبر وتنطلق وتواجه مصيرها , وكم من دابة بيعت واقتيدت إلى مناطق نائية , لكن الحنين إلى حيث ولدت وتربت , وأكلت من علفه دفعها إلى العودة مسافات ومسافات حتى تصل إلى مرباها الأول …لن نسرد هذه الحكايا فهي حاضرة في كل زمان ومكان , وحافلة بها كتب التاريخ والنوادر …‏

فما باله الإنسان وحيدا بين قطعان تعيش على الأرض يشذ عن المألوف , ويغدر بمكانه وأرضه ووطنه , ويذهب بعيدا في التنكر لكل القيم والانتماءات الجميلة التي يجب أن تكون معه وله ..؟‏

وكما قصص الانتماء والوفاء عند قطعان البهائم لا تعد ولا تحصى , كذلك هي قصص الغدر والخيانة والتنكر للجميل , للارض , للوطن, للخبز والماء, لنسمات الهواء , لوطنك الذي أعطاك كل شيء , لتراب ما بخل عليك بخيره , ولسماء هلت غيومها بوافر المطر , فإذا بك ناكر لكل جميل ؟‏

قد يقول قائل : هذا دأب الإنسان منذ أن كان على هذه الأرض , قد يكون هذا صحيحا , ولكنها كانت حالات عابرة , لا تشكل تاريخا ولا منعطفا , ولا ظاهرة , لكنها الآن صارت كذلك , لان ثمة عدوا يعمل عليها , يدفع بها يبحث عمن لا تمتد جذوره عميقا في تراب وطنه , بين أهليه , عند من لايعرف إلا أن يكون تابعا , لم يذق في يوم من الأيام طعم أن يكون سيدا حرا في بيته , ارضه , حقله, عمله , صلاته وعبادته , لايعرف إلا الحنين إلى عبودية طالما حن إليها , ومن قرأ حنينه هذا دفع به إلى أزقتها وكهوفها, زينها لها على أنها الحرية والاستقلالية , وهو لايعرف أنه مربوط بحبل قد يطول قليلا , لكنه ممسوك جيدا , ما إن يحاول تجاوز حدوده ولو لنصف متر حتى يشد وبعنف وقسوة .‏

هذه الفلسفة البراغماتية التي لا تعرف إلا المال والربح, ليست عابرة, بل هي صناعة أميركية تدر المليارات على من سوقها ودفع بها, وهو عمليا متصالح مع نفسه , ومع ما يؤمن به , والدليل على ذلك ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأميركية , اليس متصالحا مع ما ينتمي إليه من عالم المال والربح والثراء , عالم أن تربح وتربح , ولاشيء سوى الربح , لايهم من أينما كان وكيفما حصل , الغاية الربح , وتحصيل المليارات …..‏

فلسفة لم تفرض بقوة السلاح في هذا العصر , إنما من خلال الثغرات التي وجدت في أوطاننا , مجتمعاتنا , بيننا , اهملناها , وجاء من يجعلها أكثر اتساعا واستعان بمن كان يعيش بلا جذور , وحصل ما حصل , في هذا العصف القيمي نحو كل ما هو زائف يبدو الانتماء سر الاسرار, وقدس الأقداس لأنه يعني انتماءك لبيتك , لقيمك , لأرضك لوطنك , لكل ما هو جميل ونبيل , ,وإذا لم نكن قادرين على تخصيبه من جديد فالقادم أخطر, وما جرى مجرد العاب نارية أمام ما يعد لنا , ربحنا جولات من المعركة , لكن الحرب مستمرة,وأخطر ما فيها أن نبقى حيث كنا نبني الحجر وننسى البشر.‏

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يستقبل وفداً كورياً.. دمشق و سيؤل توقعان اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية الدفاع التركية تعلن القضاء على 18 مقاتلاً شمالي العراق وسوريا مخلفات النظام البائد تحصد المزيد من الأرواح متضررون من الألغام لـ"الثورة": تتواجد في مناطق كثيرة وال... تحمي حقوق المستثمرين وتخلق بيئة استثماريّة جاذبة.. دور الحوكمة في تحوّلنا إلى اقتصاد السّوق التّنافس... Arab News: تركيا تقلّص وجودها في شمالي سوريا Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم الشعير المستنبت خلال 9 أيام.. مشروع زراعي واعد يطلقه المهندس البكر في ريف إدلب برونزية لأليسار محمد في ألعاب القوى استجابة لمزارعي طرطوس.. خطّة سقاية صيفيّة إيكونوميست: إسرائيل تسعى لإضعاف وتقسيم سوريا المجاعة تتفاقم في غزة.. والأمم المتحدة ترفض آلية الاحتلال لتقديم المساعدات أردوغان يجدد دعم بلاده لسوريا بهدف إرساء الاستقرار فيها خطوة "الخارجية" بداية لمرحلة تعافي الدبلوماسية السورية