إطلالة صيفية لمعرض الكتاب في دورته الثلاثين.. في فضاءاتـه.. تسـري الكلمـة نـوراً.. عبر آراء مبدعيـن مشـاركين
يكتبون، لأن الكلمة لديهم حياة لا يمكن أن تتجمَّل إلا بأناملِ عاشقٍ مبدعٍ يتفنَّنُ في عناقها وتدليلها.. لأنها عطر وطنٍ أبوا وفي ظلِّ مايداهمهُ من عفنِ الجهل والسواد، إلا أن يحيلوه إلى فضاءٍ من كلماتٍ، تعبقُ في قلبِه فتكفكفُ معاناته وآلامه بهوىً هو نسائمُ إبداعاتها.
إنهم، المبدعون ممن أتوا ليشاركوا أو ليوقِّعوا أعمالهم في معرض الكتاب الثلاثين، وضمن مكتبة الأسد الوطنية بدمشق. أتوا، لينشروا عبير كلماتهم عبرَ إصداراتٍ حملت الكثير من الحبِّ والجمال، مثلما من وجعِ الأوطان النازفة بسبب غدرِ وحقدِ وظلامِ الكارهين للجمال والحضارة والكلمة الحق.
أتوا فالتقينا بعضهم، وكان من الضروري أن نلتقط عبير أفكارهم.. التقطناهُ من إصداراتهم فسألناهم وكانت إجاباتهم:
«السوري.. ينهض في بلادِ الشّمس والحياة»
– يعقوب مراد – أديب سوري مغترب:
للمرَّة الثالثة، يفتح معرض الكتاب أبوابه بعد الحرب القذرة التي فُرضت على سورية، وللمرَّة الثانية آتي من «السويد» لأشارك في المعرض وهذه المرّة لأوقِّع كتابي الجديد «عراب المحبة» الصادر عن وزارة الثقافة السورية- الهيئة العامة للكتاب.. هذه الهيئة التي مازالت ورغم أهوال الحرب، مستمرة في تأكيدها على أهمية ارتباط ثقافة الكلمة، بثقافة الدفاع عن الوطن..
نعم، هي المرة الثانية التي أشارك فيها بمعرض الكتاب، ففي العام الماضي قمت بتوقيع روايتي «الحقيقة-أريد أن أرى الشمس» وهي بحث يكشف خبايا وأسرار الحرب القذرة على سورية، وهذا العام أشارك بمجموعة قصصية من الوجدان الإنساني لبصمةِ رجل سوري، يعيش مابين الوطن والاغتراب..
أما عن القارئ السوري، فقد وجدته وعلى مدى متابعتي للمعرض لعامين متتاليين. وجدته نهما للتزود بالمعرفة واقتناءِ كنوزِ العقل.. وجدته يسعى لأن يتقاسم رغيف الخبز مع الكتاب الورقي، رغم غزو الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
هذا هو السوري، وهذه هي سورية التي دفنت الإرهاب تحت نعالِ رجالِ كرامتها.. هذا هو السوري الذي آنَ الأوان لينهض بهمَّةٍ أكبر، وثقافةٍ أكثر.. ينهض ليؤكّد للعالم أجمع، بأنَّه من بلاد الشّمس والثقافة والفكر والحضارة والحياة، وبأن المجتمع الذي يقرأ، هو فعلاً من بإمكانه أن يبني..
«إصرارٌ على الحياة»
– لميس الزين – كاتبة سورية:
أمَّة لا تقرأ، ستتخلف عن ركب الحضارة، فالكتاب هو عنوان الوعي لدى الأمم، ورمز التفتح الفكري وهو الطريق للتقدم والرقي، لاازدهار دون معرفة، ولا تطور دون بحث واطِّلاع.. لابد من القراءة لمواكبة التطور..
إقامة معرض الكتاب في هذه المرحلة، هو تأكيدٌ على استمرارية الحياة الفعالة في سورية رغم كل الصعوبات التي مرت بها خلال سنوات الأزمة. هو إصرارٌ على الحياة عند الشعب السوري. الشعب الحضاري ثقافة وتاريخاً.
سورية نهضت من تحت رماد الحرب كما طائر الفينيق، وستعود أقوى بإذن الله..
حفل التوقيع هو فرصة للقاء القارئ بالكاتب، وخلق هذا الرابط الحميم بين عاشق الحرف ومحترفه، وهو نشاطٌ ينعش الحركة الثقافية، ما لم يتحول إلى مجرد مظاهرٍ براقة كما يحصل أحياناً..
مشاركتي في المعرض هذا العام، لتوقيع مجموعتي القصصية «أرملة سوداء» وقد شاركتُ في معرضِ العام الماضي، بمجموعة قصصية عنوانها «حدث غداً» إضافة إلى ديوان قصائد نثرية عنوانه «أحلام منتصف الشوق»..
«نشر ثقافة المحبة والصمود»
– سهام يوسف – أديبة سورية مغتربة:
يحمل هذا المعرض، رسالة هامة لكافة دول المنطقة والعالم، رسالة تؤكّد أن عاصمة الثقافة والياسمين دمشق، كانت عبر تاريخها العريق محطَّ رحال أهل الفكر والثقافة، وملتقى الأدباء ومنبر الشعراء وسيف الحق المشهر في وجه الغزاة.
في كل عام أحضر من «السويد» في نفس الفترة التي يقام فيها معرض الكتاب، وما لفتني هذا العام، المشاركة الواسعة والحضور المميز لدور النشر، والنوعية المختارة من الكتب والفعاليات المرافقة لأدباء وكتّاب، يقومون بتوقيع إصداراتهم الجديدة.
بصراحة، نحتاج وخاصة في هذه المرحلة، لعشرات المعارض وشتى أنواع الفنون والأدب وثقافة الفكر التي تهيِّئ وتعمل على ولادة مفاهيم جديدة في طرق وأساليب التفكير العلمي الممنهج، التفكير الذي يبني الإنسان ويحرِّض في عقله التأسيس للبناء، ويدفع للارتقاء بحيث يكون بناء الوطن هدفاً والإخلاص لترابه ولهويته وعلمه، أسلوب عمل وسلوكا دائما.
أيضاً ومن المهم، نشر وتعميم ثقافة المحبة وقيم المواطنة عبر المعارض وصفحات الكتب ووسائل التواصل الاجتماعي، ولأنه يليق بسورية المنتصرة بجيشها وقائدها وشعبها الوفي، أن تتبوأ منابر الثقافة وتنشر ثقافة الصمود والانتصار بين الأمم، وعبر النشاطات ذات الطابع الوطني كما هو حال معرض الكتاب الحالي في مكتبة الأسد..
بالنسبة لي، أنتظر إصدار كتابي الجديد «بحر الدموع وأرض الشموع» الذي ضمنته قصصاً حقيقية في كل أحداثها وتفاصيلها، وإن شاء الله سنراه قريباً في المعرض.
«المعرض.. هو وردةُ الحياة في طريقِ أبناءِ سورية»
– رضوان قاسم – شاعر فلسطيني:
عدنا لنقرأ.. عُدنا واقفين كما كنا دائماً، ومن أقدم عاصمة في التاريخ، وأول أبجدية وحضارة عرفها التاريخ..
عدنا لنقول إننا اجتمعنا حول الكلمة، لأن الكلمة هي الوطن وهي الإنسان، والمجتمع الذي يقرأ، وكما عنوان هذا المعرض: «مجتمع يقرأ مجتمع يبني».
عدنا كتاباً مفتوحاً وطناً للإنسان وللجمال. عدنا نبني بالكلمة أولاً مجتمعاً قادراً على النهوض والحياة رغم تكالب الأعداء، ورغم سنوات الضباب التي مرت عليه.. عدنا لنبني الإنسان بالفكر والثقافة والتوعية والتنوير، وما هذا المهرجان الثقافي إلا خير دليل على معافاة الوطن وقفزة للأمام في طريق الحضارة التي نحن أهل لها.
معرض الكتاب الثلاثون، هو شوكة في عيون الظلام ومن والاه، ووردة في طريق أبناء سورية الأبية.. وردة في طريق الحياة.
«التوقيع.. يُقرِّبُ المسافة بين القارئ والكاتب»
– نيفين عبد الرؤوف – كاتبة سورية:
تكمن أهمية معرض الكتاب، والفرق بينه وبين المكتبات، بأنه من السهلِ علينا أن نعثر فيه، على قائمة الكتب التي نحتاجها أو نرغب بقراءتها وتفيدنا، ومن مكانٍ واحد.
الآن تشهد سورية نهضة نوعية من حيث ازدياد عدد القراء سعياً نحو المعرفة والتطور.. تشهد ذلك، في الوقت الذي سيطرت فيه التكنولوحيا ووسائل التواصل الاجتماعي على كافة الأصعدة، ولا سيما على حياتنا الثقافية، لقد بدأ الكتاب الإلكتروني يقوم بدوره في إقصاء الكتاب الورقي لكن، لازالت شريحة كبيرة من القراء تفضل أن تقتني الكتب الورقية، وبسبب المتعة في القراءة، وفي الجانب المحسوس من الورق ورائحته..
أما حفل التوقيع، فيسهم في تقريب المسافة بين القارئ والكاتب، ويمنح القارئ فرصة التعرف على الكاتب، والحصول على نسخة ممهورة بتوقيعه، وهي ظاهرة وعنصر بارز في الدور الثقافي للمعرض.
أقول أخيراً: القراءة هي المصدر الأول للمعرفة، وهي السلاح الراقي الذي نحارب به الجهل في وسط ظلام الحرب.
«الوعي والثقافة»
– ماجدة عبد الحق – كاتبة سورية:
هذا المعرض هو عرسٌ ثقافي، ينادي بالعودة إلى الوعي والثقافة، لاسيما في ظلِّ انعكاسات الحرب التي شغلت الناس عن القراءة وأبعدتهم عن الكتاب.
من هنا، فإن أهمية الكتاب الورقي تكمن في كونه يشكِّل لُحمة بينه وبين القارئ، وأهمية المعرض في عملية التبادل الروحي والفكري بين القارئ ومايتلمَّسه بيده وقلبه وعقله، وهو مايحقّق ثالوث الوعي لديه، بالإضافة إلى علاقة الود التي لا يحققها التواصل الاجتماعي.
أما عن حفلِ توقيع الكتاب، فهو فرصة للتعريف بالكتاب والكاتب، ولجعل العلاقة بينهما مباشرة وجوهرها المحبة، وتقدير جهد الكاتب وتقييم لعمله.
بالنسبة لي، فإن مشاركاتي «إشراقات روح» و»العشق حياة» و»ليتني كنتُ» أغلبهم عن أحداث الحرب ولكن، بنظرة تفاؤلية لقصصٍ واقعية.
هفاف ميهوب
التاريخ: الجمعة 10-8-2018
رقم العدد: 16758