لايمكن للأمم الحية أن تنضب ينابيعها لكن تسيطر عليها فترة من الركود فتعود الى مبدعيها الأوائل لتعيد طباعة منتجهم الثقافي تأكيدا على وجودها حية, وتنشر رواياتهم وقصصهم مجددا, وتعزف سيمفونياتهم بأوركسترا جديدة فيقول الناس: اننا امة لن تجف,لكنها بحاجة الى ينابيع تتفجر معرفة وثقافة,لكن قدر الأمم تحتم على تاريخها العمراني المرور بثلاث مراحل آخرها السقوط وأولها النهوض ونحن اليوم أمة تحاول النهوض.
في رده حول عدد الكتب المترجمة إلى الإسبانية والتي تبلغ اثنين وأربعين ألف كتاب في العام بينما لايتجاوز العدد إلى العربية ألفي كتاب ذكر المترجم والأديب رفعت عطفة: السبب أن أوروبا انتقلت منذ ما يمكن أن نسميه عصر الأنوار من أمم لا تقرأ، إلى أمم قارئة وباحثة، بينما نحن انتقلنا بالمقابل من أمم قارئة إلى أمم تعتمد على الشفاهية، والعالم انتقل الآن إلى مرحلة ما بعد الورق المرحلة الإلكترونية، استطاع الغرب فيها أن يوازن ما بين هذين الخطين الورقي والإلكتروني.
هل تقع كامل المسؤولية على القارئ أم على الأمة التي لاتنتج معرفة وتبقى تعيد إنتاج ذاتها؟ أم ان الكلمة عندما لاتكون سيدة الحضارة لن تكون هناك حياة لأمة.
يتفق معظم المفكرون على أن: الحرية تعمل على تفعيل وإثمار الثقافة ودفعها قدماً للأمام وللأعلى، في حين أن الثقافة تقوم بعملية تجذير للحرية في المجتمع، كما أنها تعمل على توجيهها الوجهة الصحيحة الصائبة؛ فهي لن تقبل أن تكون الحرية ذريعة لسفك الدماء وهتك الأعراض، بل ووسيلة لقتل الحرية ذاتها.
نحن في هذا الوطن الذي نبغيه وطنا قائما على الثقافة لابد من الوصول الى حالة الفهم العام أولا وآخرا لنستطيع العيش بسلام وأمان ومتى تحقق هذا ستبدأ عجلة النمو بالدوران ومتى بدأت سيعود الإنسان قادرا على الفعل وستعود المؤسسة الاجتماعية تحترم الأرض التي تعيش عليها وتبدأ بالنظافة وتبدأ باحترام الخدمات المقدمة ورعاية المسن وحفظ الشيخوخة وزراعة الأشجار والحفاظ على الثروة واعتماد النظام لا الفوضى والكثير من الأهداف التي ستنتج ثقافة يخرج منها الكاتب والموسيقي والفنان ليعكسوا صورة هذه الثقافة في مناخ من الحرية التي تتشكل من اتفاق المجتمع على الأساسيات وبالتالي: نحن لم نبدأ بعد وريثما نحقق ثقافة المجتمع سنرى على الفور أن الينابيع عادت لتخفق في العيون.
أما أن تكون مبادرات «هيا نقرأ» أو «أسبوع القراءة» او «أسبوع السينما» أو «المسرح أو المهرجانات» و غيرها من المظاهر السطحية لإنتاج ثقافة حقيقية في المجتمع فلن تكون هذه القشور لمجتمع يسعى أن يبقى ضمن اسم التمدن والتحضر فقط..!
أيدا المولي
التاريخ: الأربعاء 10-10-2018
الرقم: 16807
الرقم: 16807