هل نحن اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة للادب الذي يحتفي بالحب، ويمضي في دروب التنوير الاجتماعي، ناشرا كل العبق، ولماذا كان الأدب الأنثوي اصطلاحاً، أقدر على فعل ذلك، هل لأن الفيض العاطفي والقدرة على البوح أكثر عند المرأة منها عند الرجل، في المشهد الثقافي الابداعي في السنوات الاخيرة، حضر الأدب النسوي بقوة، شعرا رواية نثرا، نصوصا، حضر بكل ما يفتح عاطفة ، ثمة وجوه حقيقية حفرت مجرى لها في هذا المشهد ، ربما لم تلق تجربتها الابداعية ما تستحقه من دراسة واهتمام ، ولكن هذا لا يعني تغييبها ، وإبعادها عن المشهد، بل من الضرورة بمكان أن نسعى إلى تسليط الضوء على حقولها الابداعية أينما كانت، ووجدت.
ومن هذه الاصوات، جيهان رافع، الكاتبة السورية التي رسمت خطا واضحا في مسار البوح والقدرة على الاختلاف عن غيرها، جديد جيهان رافع، مجموعتان صدرتا مؤخرا في دمشق، حملت الأولى عنوان «قاع الذاكرة وقصص قصيرة» والثانية «حين يتكلم الحب»، حول هاتين المجموعتين، كانت جيهان رافع قد أضاءت مع الناقد محمد خالد الخضر عليهما، ورأى الخضر «الأديبة جيهان رافع تكتب القصة والومضة النثرية التي تعبر عن مشاعر أنثوية تعكس الواقع وتطلعات المرأة لغد أجمل بأسلوب يعتمد العاطفة وتكثيف الصورة».
وحول اختيارها الكتابة في أكثر من جنس أدبي تقول رافع: «لا أحب القيود في معصم الكلمة وكلما تنوع الجنس الأدبي كلما شعرت بحرية الرسائل أكثر لتصل إلى أكبر كم من القلوب على مدى واسع».
وتعتبر رافع أن التجارب التي يمر بها الكاتب في حياته وماضيه بما فيها من سلبيات وإيجابيات تظهر على نتاجه وتكون قوة دفع خلف قلمه تستعيد ما مر أو يمر به مع ضرورة التقاط أحاسيس الناس ومشكلاتهم حتى لا يقتصر نتاج الكاتب على تجربته الشخصية ويظل هو بطل كل رواية وقصة وقصيدة.
وأضافت: «ساعدتني تلك الأحداث والتجارب والحالات التي عشتها وعايشتها باتخاذ بعض الدقة في اختيار المكان الصحيح الذي أضع به كلمتي دون الوقوع في الانزلاق بتناول الواقع بصورة مشوهة أو مبالغ فيها».
وعن غلبة الحب والوطن على معظم كتاباتها قالت رافع: «الوطن عروقي فكيف لي أن أخرج من دمي وأصل الحب وطن وعندما يسكنان وجدان الكاتب يصير قلمه رهنا بالشغف والفرح الذي لا يوقفه النزيف بل يكبر ويتسع باتساع الوطن وغنى الحب».
وتصف مؤلفة مجموعة (حين يتكلم الحب) الحالة النفسية أو العاطفية التي تدفعها للكتابة بأنها تكون مستغرقة في حلم وردي وضوء يمطران على وجدانها لتزهر كالسنابل فتأخذها الكتابة بقيد المحبة معتبرة أن إحساسها بالرضا عما تكتب يكفيها لتستمر.
وترفض رافع اتباع مدرسة معينة في الكتابة وتجدها قيدا لروح الإبداع بيد أنها تتأثر بمن سبقوها لذلك تختار الحرية لتحلق في سماء الأدب وتخط حبرها حيث يشاء لها القلم.
وتعيد رافع حضورها القليل في المحافل الأدبية والثقافية إلى الرغبة الداخلية للكاتب في التوغل بالصمت واتخاذ الورقة والقلم منبرا يوصله للقراء.
وحول حضور الأدب الأنثوي في الساحة الثقافية ترى رافع أنه لا يزال دون الطموح بسبب واقع المرأة في مجتمعنا بشكل عام رغم وجود أصوات نسائية تستحق السطوع في سماء الإبداع معتبرة أن نزوع المرأة للأدب يعود لأنها تبحث عن لغة تنقذها من معاناتها وتعبر خلاله عن ألمها.
وتدعو رافع في ختام حديثها الكتّاب لأن يجعلوا أقلامهم منارات تقود للغد وتؤكد على جوهر الأشياء وتتجنب ظواهرها وتعيد للفرد إنسانيته ليكون لهم دورهم المستحق في مسيرة الحياة.
دائرة الثقافة
التاريخ: الأربعاء 10-10-2018
الرقم: 16807
الرقم: 16807