ثورة أون لاين – علي نصر الله:
مُستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في إسرائيل بالتزامن مع تعيين جيم جيفري مُمثلاً خاصاً بسورية لوزارة الخارجية الأميركية، وبريان هوك مُمثلاً خاصاً بإيران في الوزارة، ماذا يعني ذلك؟ ما المؤشرات التي تحملها زيارة بولتون وتعيين كل من هوك وجيفري؟.
اعتادت الولايات المتحدة أن تلجأ مع كل أزمة تُواجه مُخططاتها هنا وهناك إلى مُحاولة إخفائها أولاً، ثم إلى المُكابرة وعدم الاعتراف، ثم إلى استبدال الخطة بخطة بديلة، مع الإصرار على الوصول إلى الغاية المُخطط لها.
في مرحلة الفشل والإخفاق أيضاً لا تعترف الولايات المتحدة، بل تذهب إلى محاولة الالتفاف على الحالة بالإغراق، أي بطرح مواضيع مُتشعبة ومَحاور تتصل بالجوهر لكنها ليست القضية بهدف الإشغال ومُحاولة النَّفاد مرة أخرى إلى الغاية لكن بطرق التفافية تَخلق معها ولها ظروفاً مُساعدة لا تخلو من رفع نبرة التهديد والتصعيد.
هل فشلت المُخططات الأميركية باستهداف سورية وإيران والمقاومة كخط ومحور مُناوئ مُناهض لها ولسياساتها ومُخططاتها؟ بكل تأكيد لم يبق من كل ذلك إلا الحُطام والركام المُتشكل، وما زيارة بولتون إلى الكيان الصهيوني إلا لمُحاولة اللعب بالتفاصيل التي لا هدف لها سوى التخفيف من أثر الهزيمة التي مُني بها المشروع والمُخطط.
تَعيين مُمثلين خاصين بسورية وإيران كهوك وجيفري اللذين يتمتعان بخبرة يُقال إنها كبيرة وعميقة بشؤون المنطقة لا يؤشر إلا إلى عُمق الأزمة الأميركية، وإلى استشعار البيت الأبيض والخارجية بأنّ كل شيء سيَنهار ما لم تأت واشنطن بحركة سياسية تُنقذ ما يمكن إنقاذه، فهل يُنظر إلى التعيين وإلى زيارة بولتون من هذه الزاوية فقط؟ أم أنّ التقدم على التوازي بالأمرين له أبعاد أخرى تنطوي على محاولة التصعيد؟.
واقعياً، وبالنظر في تاريخ أميركا وتحليل مساراتها السياسية والأداء، فإنّ الأمر يحتمل الانتهاء إلى الاحتمالين معاً ومن دون ترجيح أحدهما على الآخر، ذلك أن البراغماتية الأميركية تُتيح لواشنطن اللجوء إلى مُحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، غير أنّ الحماقة التي تَميز الإدارات الأميركية تسمح بالاستنتاجات الأخرى.
في كل الأحوال، لا تبدو واشنطن إلا في أزمة، ولا تبدو خياراتها مفتوحة إلا على الاعتراف الذي لا يؤدي سوى إلى حتمية التراجع ولا يفرض إلا الانكفاء، في مُقابل الخيار الآخر الذي سيُعمق الأزمة ويُفاقمها، ذلك أن حركة بولتون ستكون بلا قيمة، فيما تعيين جيفري وهوك تبدو حركة بلا معنى ولن تُجدي نفعاً.
سورية انتصرت على الإرهاب، كسرت المؤامرة، وفضحت المخطط وأطرافه، وهي إذ تضع النقاط الأخيرة على حروف انتصارها الناجز، فإن إيران أتقنت التعاطي مع الغرب وإحراج أميركا التي ذهبت إلى مُحاولة العزل، فإذا بطوق العُزلة يلتف حولها!.