بانتظار تطبيق اتفاق سوتشي حول إدلب، لم يستطع نظام أردوغان حتى الآن تنفيذ أي شيء من الالتزامات المنوطة به،
وكل ما قام به هو الحديث عن انسحاب استعراضي لعدد من فصائله الإرهابية، وسحب عدد من القطع العسكرية التي تملكها تلك المجموعات، غير أن الواقع على الأرض يشير إلى عكس ذلك، بدليل استمرار التنظيمات الإرهابية في مواصلة استهداف الأحياء السكنية بحلب وحماة انطلاقاً من المنطقة المتفق عليها ضمن الاتفاق، كما أن الإعلان عن سحب نحو مئة قطعة من السلاح الثقيل، هو لذر الرماد في العيون، ولإيهام الجانب الروسي بأن النظام التركي ينفذ التزاماته، فإرهابيو أردوغان يمتلكون آلاف القطع من السلاح الثقيل، وبحسب التقارير الإعلامية الواردة، فقد تمَّ طمر تلك الأسلحة، وإخفاؤها مؤقتاً، وقد سبق للخارجية الروسية أن أعلنت أنها بصدد التأكد من صحة مزاعم النظام التركي بهذا الشأن.
المعطيات على الأرض تؤكد حتى الآن، أن أردوغان لم يفكر بعد بالتخلي عن عكازه الإرهابي، ويبحث عن تحقيق أطماع توسعية، ومكاسب سياسية لم يحصل عليها بعد، وهو يدرك تماماً أن تحرير إدلب من الإرهاب، وإعادتها إلى كنف الدولة السورية، يعني في نهاية المطاف انسحاب قواته الغازية، ليس من إدلب وحسب، وإنما من منبج وعفرين في وقت لاحق، وربط أردوغان انسحاب قواته بإنجاز حل سياسي، يفسر خشيته من تطبيق انفاق سوتشي بكامل بنوده، ولا سيما أن الجانب الروسي قد أكد أن مسؤولية تطبيق الاتفاق تقع في المقام الأول على نظام أردوغان، ولكن هل ستنتظر الدولة السورية والجانب الروسي طويلاً حتى يلتزم أردوغان بما يجب عليه؟، بالتأكيد لا، وخاصة أن تحرير كل شبر من الإرهاب وداعميه، هو قرار سوري لا رجعة عنه، وهذا يستوجب على ضامن الإرهابيين ومشغلهم، التسريع بتنفيذ بنود الاتفاق، لتقليل خسائره القادمة لا محال.
منظومة العدوان بدأت تدرك أخيراً أن الدولة السورية انتصرت على الإرهاب، وهذا الأمر تعكسه التصريحات الأميركية والغربية بهذا الشأن، ولذلك باتت تبحث عن ذرائع جديدة، وتصعد من سياسة الابتزاز والضغط لتأخير إنجاز النصر السوري الكامل على الإرهاب، ولمنع تحقيق أي حل سياسي، فأقطاب تلك المنظومة رفضوا الطلب الروسي بسحب إرهابيي «الخوذ البيضاء» وترحيلهم من أماكن وجودهم، وهذا يعني أن فترة صلاحيتهم للغرب الاستعماري لم تنته بعد، واحتمال استخدامهم مجدداً ذريعة لشن عدوان جديد على سورية أمر وارد، وكذلك مواصلة وضع العراقيل لمنع عودة المهجرين السوريين، تشير إلى أن أقطاب العدوان يناورون لتحقيق بعض النقاط السياسية عبر رفع وتيرة الابتزاز، وآخر تقليعاتهم هي رفضهم المشاركة بإعادة الإعمار، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي يرضي أوهامهم الاستعمارية، وهذا يدل على أن لعاب رعاة الإرهاب بدأ يسيل بشراهة لأخذ حصة في عملية إعادة الإعمار بعد يقينهم بأن سورية انتصرت على مرتزقتهم، وعلى مشاريعهم الاستعمارية، متجاهلين حقيقة أن الدولة السورية لم تدع أحداً ممن شارك في سفك الدم السوري إلى المشاركة بعملية إعادة الإعمار، وأنها تملك هي وأصدقاؤها الحقيقيون من المقومات والإمكانيات ما يكفي لإصلاح وترميم ما دمره الإرهاب، وأنها بكل تأكيد ستعود أقوى مما كانت عليه.
كتب ناصر منذر
التاريخ: الأحد 14-10-2018
الرقم: 16810