ربما يستحق الفقر احتفالاً عالمياً ، و وقفة تضامنية جادة مع فقراء حول العالم يزدادون بؤساً يوماً بعد يوم ، رغم كل الجهود الحثيثة للقضاء على شبحه المرعب الذي ينتهك أبسط حقوق الإنسان في حياة لائقة ، تتمتع بالحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم ، و الخدمات الأساسية الضرورية من أجل البقاء ، إضافة إلى دخل مناسب يكون طوق نجاة من ظروف بالغة العسر .
بعيداً عن النسب المئوية و الأرقام المرعبة التي أدرجتنا على خارطة الفقر الدولية لنتجاوز النسب العالمية بتأثير تداعيات أزمة هزت أركان اقتصادنا الوطني و عصفت باستقرارنا المادي ، فتحول الكثيرون بين ليلة و ضحاها من ميسوري الحال إلى فقراء يفتقدون أبسط شروط العيش الكريم ، و في حالة عوز و عجز عن تلبية متطلباتهم اليومية من غذاء يتمتع بسعرات حرارية ملائمة لبناء جسم سليم ، و التمتع بالخدمات الأساسية من صحة و تعليم و مسكن و ملبس .
فقراء مستجدون على لائحة الفقر السورية هم نتاج و ضحايا الأزمة ، و لكن ربما كانوا الأذكى من غيرهم ممن أدرجوا على لائحة الفقر العالمية كمتجاوزين لخطه المطلق ، فلعبوا لعبة البدائل المتاحة ، و لجأ البعض منهم لتقليل و تقليص الوجبات من ثلاث إلى اثنتين، بينما عمدت بعض الأسر الفقيرة إلى تقليل استهلاك الكبار مقابل توفير المزيد من الغذاء لصغارهم من أجل نمو سليم قدر الإمكان ، و هناك الكثير من الأسر التي تواجه صعوبة بالحصول على الغذاء لجأت إلى استراتيجية مقاطعة اللحوم و الدواجن رغم أهميتها لغذاء سليم .
في اليوم العالمي للفقر الذي يصادف 17 من الشهر الجاري ، نأمل أن يكون القضاء على الفقر من الأولويات عبر الخطط الوطنية الجادة و العاجلة ، و ذلك لضمان حق الإنسان و تحقيق التنمية الشاملة ، و أن يكون طموح خطة التنمية المستدامة لمنظمة اليونسكو بالقضاء على الفقر في عام 2030 ، ليس مجرد وعود لا تحسن الترجمة الفعلية على خط الفقر لتبقى مجرد حبر على ورق .
منال السماك
التاريخ: الأثنين 15-10-2018
رقم العدد : 16811