مشهد التلاميذ والطلاب وهم خارجون من مدارسهم، حيث السب والشتم والألفاظ النابية والشجارات العنيفة تجتاح سلوكهم وثقافتهم وتتجسد واقعاً مؤلماً في شخصيتهم وتصرفاتهم، يؤكد أنه لايزال هناك حلقة مفقودة في العملية التعليمية والتربوية برمتها، إن لم نقل أن هناك حلقات وحلقات مفقودة.
قد يتنطع البعض من أصحاب العلاقة والاختصاص في المجال التعليمي والتربوي ليقول متذرعاً ومبرراً أن هذه الظاهرة المتفاقمة والمتدحرجة ككرة الثلج، مصدرها المنزل والأسرة وتربية الاهل والوالدين، وهذا صحيح من حيث الجوهر والمبدأ لكن السؤال الذي يدفع بنفسه في هذا الإطار هو ما دور المدرسة والمعلم بشكل عام في تقويم وتصحيح سلوك التلميذ والطالب، خاصة إذا كان في مرحلة التعليم الأساسي؟ أي في الصفوف الدراسية الأولى، حيث يمكن تصويب وتعديل وتشذيب سلوك وشخصية الطفل نحو الأفضل والأحسن بما يحاكي قيمنا وأخلاقنا وعاداتنا الحسنة، بل إنه يمكن إعادة تشكيله كما العجين وهذا يعتمد ويرتكز على أمرين اثنين هما من الأهمية بمكان.
الأول يتجلى بقدرة ومهارة المعلم على التأثير في تلاميذه وترك بصمة في سلوكهم وشخصيتهم لجهة حسن أخلاقه وتربيته وابتعاده عن كل أساليب وأدوات التعليم السلبية التي تترك انطباعاً سيء العواقب عند التلاميذ كالشتم والسب والقسوة والعنف والضرب والصوت العالي، فكثير من الأطفال يعزون الكثير من تصرفاتهم وسلوكهم داخل المنزل الى معلمهم ومعلمتهم التي يحاولون تقليدها لتأثرهم وتفاعلهم معها سواء بالوجه الإيجابي أو السلبي.
أما الأمر الثاني فيتجلى في ماهية المعلومة والمادة العلمية التي يتلقاها التلميذ لجهة محاكاتها ومخاطبتها لثقافة المجتمع بقيمه وأخلاقه، ونعتقد أن هذا الامر قد خطا خطوات جيدة نحو الامام في ظل تطوير المناهج التربوية.
نترك الإجابة لأصحاب الاختصاص والمسؤولية في الحقل التعليمي والتربوي، لما لهذا الامر من أهمية كبيرة في بناء شخصية وثقافة أبنائنا الذين ستناط بهم في المستقبل مهمة بناء وتطوير وتنمية الوطن والدفاع عنه، وهذا يتطلب الإسراع في وضع ذلك الامر على طاولة البحث والتحليل والدراسة المكثفة، لوضع اليد على النزيف الأخلاقي والتربوي الذي يصيب أولادنا، وبالتالي إيجاد الحلقة المفقودة، قبل أن نفقد ونخسر جيلاً بأكمله.. وحتى لا نخسر وطناً قدمنا له أرواحنا لنحميه ونحفظه وندرأ عنه الخطر.
فردوس دياب