النظر من زاوية واحدة

لا أعرف متى أنتهي من هذه الروايات المكدسة على طاولتي.. قلت بصوت عالٍ وأنا أتناول الرواية الأولى.. قرأت عدة صفحات ثم تبين لي أنها لم تمسك بي.. ولم تشدني بحيث أتابع القراءة وأنسى القهوة.. فأغلقت الرواية واستلمت الثانية.. الروايات لكتاب سوريين وعرب. وكما هي الأولى جاءت الثانية مملة، بطيئة، فلم أنسَ موعد الفطور ولا القهوة.. طويت الصفحة كي أنهض وأتناول الطعام.. حاولت العودة للأولى.. قرأت من جديد عدة صفحات.. كنت أجبر نفسي على المتابعة.. أنا أعرف إلى أين ستصل الكاتبة التي تدعي معرفتها بتفاصيل الحرب السورية والجغرافية السورية.. وأن كل ما تكتبه سمعته من سوريين عاشوا الأزمة وهاجروا، فوثّقت ما سمعته وأكدت على صحته.. تقول في الرواية (ضرب الجيش السوري مدرسة.. وضرب مسجداً) لكنها لم تقل أن المدرسة كانت مقراً لإرهابيين أو لمعارضين يستخدمون الأسلحة الفتاكة ويتعاونون مع جهات غربية تؤمن لهم السلاح والمال وتدعمهم بالإعلام، ولم تخبرنا الكاتبة لماذا ضرب الجيش مسجداً؟ ولماذا لم يهدم الجيش هذا المسجد أو غيره قبل الحرب السورية اللعينة؟ فالكاتبة تندب وتنوح على المؤمنين الذين كانوا في المسجد يتعبدون ويتوسلون إلى الله غفران الذنوب.. ونسيت أو تناست (كويتبتنا) أن هؤلاء المؤمنين قاموا بتخزين السلاح في المسجد وأتوا بمرتزقة مجرمين غرباء وآووهم لينقضوا على البلد.. ولم تتذكر أنّ خطيب المسجد كان يحرض على ذبح الجندي السوري الذي ربما كان ابن شهيد من شهداء حرب تشرين ضد الصهاينة.. وأن هذا الجندي لم يقتل يوماً سوى من يعتدي على أرضه وعرضه.. مللت الرواية لأنها تجافي الحقيقة وغير صادقة.. مع العلم أن الرواية ليست تسجيلاً للواقع.. ولكن بذات الوقت لا يجوز أن تزور الواقع لدرجة بث الفتنة والعداوة، كما تفعل السينما الأميركية والصهيونية التي تصور العرب والمسلمين كقتلة وإرهابيين ومتخلفين ولديهم استعداد دائم للاعتداء لا أكثر.
وعلى الرغم من اعتراضي على المضمون، إلا أني بحثت عن الجانب الفني في الرواية.. لكني لم أجد هذا الجانب مميزاً أو واضحاً، فانتقلت إلى رواية لكاتب فلسطيني يدعي أنه عاش في المخيم وأكل القمح السوري وشرب من مياه بردى وأحبّ قاسيون.. ولكن لا يعرف بالضبط لماذا حوصر المخيم.. ومن الذي أطلق النار أولاً.. وهو يؤكد بناء على معلومات أكيدة أن أهل المخيم كانوا عزّل.. بلا سلاح.. فمن أي سلاح قصف المخيم..؟ وتابع الكاتب العاشق لسورية معلناً على الملأ أنه حيادي.. مع ذلك لم يذكر مرة حزنه على جيش كان أول المدافعين عن فلسطين.. ولم يصف مرة كيف تعامل سورية الفلسطيني.. وكيف توظفه وتعلمه وتملكه وتعطيه الجنسية.. ونسي أننا عانينا الحصار الشديد لأن سورية لم تتراجع عن مواقفها ولا عن وجهتها – فلسطين -.. وتابع الكاتب العزيز مأساته مع التفتيش والملاحقة وذكر كيف هرب وتغرب.. ثم عاد.. ولم يترك فاصلة ولا نقطة إلا وتذكرها لكنه لم يتذكر اغتيال الصهاينة للشهيد سمير القنطار ولا خطر بباله مرة العلماء الشهداء، وليته تذكر فقط الأطفال الذين خطفوهم وسلقوهم في الساحل السوري.. والنساء السوريات اللواتي تحولن إلى سبايا عند أمراء القتلة والمرتزقة.. كان الكاتب مهموماً بقطع الكهرباء وكثرة الحواجز وإغلاق بوابات المدينة باكراً..

شعرت بالحسرة لهذه الروايات التي لم يكن همها فنية العمل ومصداقية الحدث بقدر ما كانت توصل رسالة مبطنة على أنها متعاطفة مع القتل 

ومتضامنة مع الذين يدعون أن ما قاموا به من تخريب وتدمير واغتصاب (كان ثورة) ولكنهم خائفون ويدارون..
ثورة (شو) التي تهدم بلداً وتدمر جيشاً عقائدياً..؟
تركت الرواية وانتقلت إلى أخرى.. كانت الرواية تمجد الصبر والصمود ولكنها في نهاية كل فصل كان الراوي يقصفنا بجملة (والعلم عند الله.. لست متأكداً من شيء.. المرأة تدعي أن ابنها قتل في المعركة ولكن هناك من يقول غير ذلك).. ويتساءل القارئ.. ماذا يعني غير ذلك؟ يبدو أن كاتبنا يضع رجلاً مع الدولة ورجلاً مع – ثوار الناتو- فهو لا يريد أن يتخلى عن مكاسب – الناتو -ولا عن مكاسب الدولة.
تذكرت.. عليّ أن أغلق هذه الروايات وأشرب قهوتي وأسمع آخر أخبار جنودنا الأبطال.

 

 

أنيسة عبود

التاريخ: الأربعاء 17-10-2018
رقم العدد : 16813

آخر الأخبار
معرض الكتاب " اكسترا ميديا " يتصدّر كليّة الإعلام بمشاركة 740 شركة... "بيلدكس" يعزز فرص التعاون في قطاع الإعمار تعزيز التعاون التربوي بين سوريا و"الألكسو" إعادة الإعمار بوابة التنمية لسوريا الجديدة.. باحث اقتصادي لـ"الثورة": تحولات اقتصادية قادمة فرنسا تُعلن تضامنها مع "الخوذ البيضاء" وتؤكد استمرار دعمها للمدنيين السوريين تعثر سدادها يهدد سيولة المصارف وتجميد القروض.. ديون المُسرَّحين.. بين مطرقة البنوك وسندان البطالة دمشق وأنقرة.. حرص مشترك على تعزيز التعاون وترسيخ الاستقرار من إدلب إلى دمشق غيث حمور شعرت أنّني أوقّع على جسدي لا على الورق ضمن خطتها لإعادة الهيكلة.. الداخلية تُعلن أسماء قادة الأمن الداخلي الجدد في المحافظات 64 عائلة سورية تبدأ بالعودة من مخيم "مريجيب الفهود" بالأردن فوهات مطرية بإطارات مطاطية في اللاذقية معالجة ازدحام تقاطع جديدة الفضل والبلد الدروس الخاصة ..ضرورة ذو حدين  أساتذة النخب الأول.. في الصدارة الدروس الخصوصية والمكثفات ..تجارة رابحة وكابوس على الأهالي  الهلال الأحمر بالقنيطرة يدعم مصابي الألغام تراخيص مؤقتة لألعاب العيد في دمشق تدشين محطة ضخ تفريعة جديتي للمياه في طرطوس منحة زراعية لقرى بحمص مصادر في القنيطرة لـ" الثورة": لا صحة لسيطرة قوات الاحتلال على مبنى المحافظة مبقرة "فديو" .. إنتاج وفير وصعوبات بالجملة