انتهت المرحلة الثانية من تطبيق اتفاق سوتشي حول إدلب، ونظام أردوغان لم ينفذ شيئاً من تعهداته، سوى حديث استعراضي عن سحب بعض الإرهابيين من المنطقة المتفق عليها، وعدد من أسلحتهم الثقيلة، بغرض الدعاية الإعلامية فقط، ويعتقد ضامن الإرهابيين أنه بذلك سيلعب كثيراً على الوقت، لإيجاد تخريجة ما لأكاذيبه، تضمن له في النهاية الاستمرار بحماية مرتزقته إلى الحد الذي يستطيع من خلاله تحقيق أطماعه العسكرية، أو السياسية، متجاهلاً أن نفاد الوقت من دون تنفيذ بنود الاتفاق لن يكون أبداً في مصلحته، لأن للدولة السورية خيارات أخرى لتطهير إدلب، واستعادتها في القريب العاجل، وأن تريثها في هذا الأمر يعود إلى قناعتها بأن تحرير المدينة وريفها بالمصالحة أفضل بكثير من إراقة الدماء.
اليوم ومع اقتراب سورية من إنجاز نصرها الكامل على الإرهاب وداعميه، تحاول منظومة العدوان- ونظام أردوغان جزء أساسي فيها- تأخير إعلان هذا النصر، ويتضح اليوم أن أقطاب تلك المنظومة يفعلون التنسيق فيما بينهم أكثر من ذي قبل، وهذا ما يؤكده التناغم الحاصل فيما بينهم لجهة إعادة العزف على وتر التهديد بتعويم الإرهاب مجدداً، حيث يمني أردوغان نفسه بالإبقاء على إرهابيي النصرة، ومن يدور في فلكهم الإجرامي، عبر الجنوح نحو الالتفاف على اتفاق سوتشي تمهيداً للتنصل منه، وإلقاء المسؤولية على التنظيمات الإرهابية الرافضة للاتفاق، بينما يسعى المايسترو الأميركي لإعادة النفخ في جثة داعش الهامدة، وإحيائها من جديد.
وعملية تجنيد الإرهابيين من قبل واشنطن في مخيم الركبان مقابل راتب شهري لكل مرتزق بقيمة 600 دولار، لا تخرج عن هذا السياق، فهدف عمليات التجنيد تلك هي حماية القوات الأميركية المحتلة في التنف، وشرق الفرات، وكذلك التسريبات حول أسر داعش لأربعة جنود أميركيين في محيط حقل العمر بدير الزور، وعزم واشنطن الدخول في مفاوضات مع التنظيم الإرهابي لإطلاق سراح أولئك الجنود، لا يعد سوى مقدمة لإعطاء الضوء الأخضر لإرهابيي داعش كي يتمددوا أكثر في تلك المنطقة على حساب «قسد» ليكونوا لاحقاً طوق حماية للقوات الأميركية الغازية، وخاصة أن واشنطن باتت تدرك جيداً بأن تحرير شرق الفرات هو الخطوة القادمة بعد تحرير إدلب.
وقائع الميدان أثبتت أن الرهان الدائم على الإرهاب خيار فاشل، ومنظومة العدوان لن تجني شيئاً سوى الغرق أكثر في مستنقع جرائمها، فالإرهاب يتقهقر وفي طريقه على الاندحار الكامل اليوم بفعل تضحيات الجيش العربي السوري، والمعركة القادمة بحال فرضت في إدلب، أو شرق الفرات، لن تختلف في جوهرها ومضمونها عن معارك الجيش السابقة، فالروح القتالية العالية والثبات والتصميم على تحقيق الانتصار ودحر الإرهاب ليست غريبة عن أبطال جنودنا البواسل.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 17-10-2018
رقم العدد : 16813