صديقنا (أبو الهمام) استطاع بعد صراع مع (صحته السمينة) وطوله الفارع أن يترجل من السرفيس مطأطئ الرأس… والعرق يتصبب من جبينه وكأنه للتو وصل من خوض حرب ضروس…!! رفع رأسه إلى السماء شاكراً.. وصلنا إلى الوظيفة دون تأخير…؟!
وبينما يسير بخطا مهزوزة احتك كتفه بكتف أحد المارة دون قصد… جنّ جنونه وراح يرغي ويزبد… ووصل سبابه حدود الشارع المجاور…
ولأن (أبا الهمام) رجل متزن… وسمع نصيحة صديقه (بالعد للعشرة) عند تعرضه لأي موقف…. رفض الرد وتجاهل الموقف… ومشى في حال سبيله… تاركاً (الرجل الآخر) على حالة من العصبية والسباب وكيل الشتائم يمنة ويسرة…!!
أحد المتطفلين لحق (بأبي الهمام) وراح يؤنبه: لماذا تسكت عن الإهانة… كان عليك أن ترد ولو وصل الأمر إلى (الضرب)..!!
هنا نظر إليه (أبو الهمام) نظرة شفقة قائلاً: في كل دول العالم يوجد نقل جماعي محترم يصعد المواطن وينزل ورأسه مرفوع… هنا فقط وبالتحديد على المواطن أن يدخل ورأسه منحنٍ إلى الأسفل ويترجل بنفس الأسلوب..
أكيد هذا الرجل وأمثاله كثر لديه هموم جعلته على هذا النحو من السلوك (العدواني)…
نصف راتبه يدفعه أجرة (سرفيس) للوصول بطريقة غير محترمة إلى دوامه… إضافة إلى منغصات ومتطلبات كثيرة لا يقوى على تلبيتها في ظل ظروف العيش الحالية من ارتفاع في الأسعار وتدني الرواتب مقارنه مع استحقاقات المدارس والدروس الخصوصية وتأمين متطلبات الشتاء و(المونة) مع ضغط نفسي وشد عصبي نتيجة الأزمة المركبة التي عصفت بنا على مدار سنوات..
هل تراقب الوجوه… إنها في أغلبها مكفهرة.. غاضبة… محقونة…!!
هنا شعر (المتطفل) أن الوضع ينطبق عليه كما ينطبق على معظم الموظفين وصغار الكسبة..
شعر بالخجل… وأثنى على تصرف (أبي الهمام) المتزن… وراح يتمتم بعبارات لم أفهم منها سوى (الذي يرى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته)…!!
شعبان أحمد
التاريخ: الأربعاء 17-10-2018
رقم العدد : 16813