سئلت عن سر اهتمامي بالقطاعين الثالث والخامس في دير الزُّور…؟ وكنت قد قرأت في جريدة الثورة -(٢٥-١٠-٢٠١٨) أن المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء قد أعلن إطلاق مشروع تأهيل القطاع الثالث بتكلفة ٢ مليار ليرة سورية ومشروع تأهيل القطاع الخامس بتكلفة ١،٢مليار ليرة سورية.
وقلت لمن سألني: لأن القضية كبيرة جداً إذ بعد عام على تحرير دير الزُّور من الإرهابيين المتوحشين على الضفة اليمنى لنهر الفرات، بات بإمكان الحكومة أن تعيد الروح للزراعة عبر الري وبعد التقصي الميداني – الثمين جداً- وبتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد تقرر تأهيل المشروعين لإرواء عشرين ألف هكتار من الأراضي المستصلحة!! تذكرت يوم ذهبت إلى بلدة الموحسن (وكنت أعرف عنها أنها رمز للبؤس والشقاء) فإذا بمشروع الري يغيرها، لأنه أتاح لأبنائها إنتاج القطن والخضار والفواكه والقمح والشوندر السكري والذرة الصفراء، عبر الري الدائم الرخيص جداً من نهر الفرات لأنها زودت بآبار الصرف العمودي لا تتملح كلما رويت، فامتلكوا الجرارات والشاحنات الصغيرة والسيارات السياحية وغدت بيوتهم رمزاً للرفاه المعاصر بما احتوت من تجهيزات كهربائية على رأسها البرادات والمكيفات وما أدراك ما المكيفات في دير الزُّور الحارة جداً جداً في الصيف.
و أجد العذر لمن لا يقدر أهمية الحدث، ويتمسك به ويشرحه فالقصة طويلة جداً ومترابطة ومتشابكة بكثير من الأعمال: محطات ضخ مياه ومحطات كهرباء وشبكات نقل الطاقة وطرقات وجسور وآبار صرف عمودي لتخفيض منسوب الماء في الأراضي الزراعية لحمايتها من التملح.
أتذكر تلك لجلسة التي لا تنسى في -بلدة الموحسن في العام ٢٠٠٧- وصبر الأستاذ عبد الله درويش المدير العام الأسبق للمؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي، على شغفي في الحصول على شهادات الفلاحين وفِي طريقنا إلى قناة الصور (يتدفق الماء فيها بغزارة ٦م٣/ثا بطول ٤٥ كم) أوضحت له أن ما حدث مذهل فهؤلاء كانوا بؤساء سورية وهم جيران الفرات (النهر الغزير)، أما الآن فلقد وضعتم القطار على السكة والحصان أمام العربة وجاءت سنوات الحرب الجائرة على سورية لتدمر أغلب ما أنجزناه، وينسحب الأمر ذاته على القطاع الخامس في منطقة الغورية وهو يروي خمسة آلاف هكتار. حتى العام ٢٠١١ كانت سورية قد استصلحت وروت ٢٥٠ ألف هكتار، في حوض الفرات، ولعبت هذه المساحة المروية رَيَّاً دائماً، دوراً أساسياً فيما كنّا ننعم به من اكتفاء ذاتي زراعي وإذا كنّا نتوق أن نعود إلى رفاه ما قبل الحرب، فهذا هو الدرب الصحيح، سواء في دير الزُّور التي رجعت عروساً للفرات أو في الأراضي المحررة من الرقة أو مسكنة غرب وسهول حلب الجنوبية.
إن تأهيل مشاريع الري هو السبيل إلى انتعاش اقتصادي وإنتاج وفير وأسعار لطالما حلمنا أن تنخفض لعلها تصون ماء وجه أجورنا ورواتبنا.
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 1-11-2018
الرقم: 16825