بين الموت و الحياة تتأرجح روح طاهرة أحبت وطناً لدرجة عشق و هيام .. غيرته على حبيبته السورية ، لم تكن تحتمل ثرثرة مراهنات و لا تقبل لغو مزايدات ، إن لم يقترن حديث الحب و بوح العشق ، بفعل يترجم خوفاً على محبوبة أزلية ، احتلت مساحة قلب مثقوب حزناً على ألم استباح قامتها الشامخة، فسارع متطوعاً غير مرغم ليكون حاميها ، و طوقها بذراعين استطالتا إصراراً لتضم حدودها شرقاً و تحتضن خاصرتها غرباً ،وأفرغ من قلبه الصغير حباً جماً ، لينثره على شموخ رأسها و طهارة قدميها شمالاً وجنوباً .
عند الحديث عن البطولة و الإيثار لا تهم الأسماء بقدر الأفعال ، و إن ُسئلت عن اسمه سأجيب .. هو بطل من هذا الزمان .. ناداه الواجب فلبى النداء .. ركب صهوة المخاطر ، و اقتحم ساحات زاخرة بأفاعٍ تتراقص على صخب موت ، و عقارب سامة لإرهاب ، غير عابئ و لا متلكئ أو مرتجف الأرجل و الفؤاد ، و في كل خطوة من أقدامه الواثقة ، كان يناجي توءم روحه و شقيقه «رفعت» الراحل شهيداً منذ سنتين ، بأن كرامة الوطن لم تخلق إلا لتصان ، و دماء الشهداء لم تكن لتذهب هدراً ، و لو كان الثمن بذل مزيداً من الأرواح .
لن تنتهي حكاية تضحية و بطولة «رأفت» الآن .. فما زال هناك الكثير من فصولها لم يكتبها بعد .. و رصاصة غدر استقرت في صدر فسيح يتسع لوطن ، لن تكون نهاية بطل استثنائي في قصة وجعنا السورية .. و بينما حياته معلقة على أمل في حضرة غيبوبة لم تحترم عناد عاشق غيور على وطن .. سيصارع شبح الموت لينهض غير مستسلم للفراش ، و يشارك بنسج حكاية نصر سورية ستبصر عما قريب الحياة ..
منال السماك
التاريخ: الأحد 4-11-2018
الرقم: 16827