في الأسطر الأخيرة من كتابه «رمل وزبد وموسيقا» وتحت عنوان «الرصد» يقول جبران خليل جبران «غني ياسوريا باسم شاكر الحلبي»..
والمطلع على تاريخ تطور الفن الموسيقي والغنائي العربي، يعرف أي أهمية يحتلها شاكر الحلبي، الذي كان أول من نقل إلى مصرالموشحات والايقاعات الموسيقية، التي كانت شائعة في حلب، فأخذها المصريون عنه, وأنتشرت في الأوساط الشعبية، ولقد نهل عبده الحامولي منها إلى حد الارتواء، ثم سار على طريقته محمد عثمان ويوسف المنيلاوي وعبد الحي حلمي ومحمد سالم ومحمد السبع وغيرهم.
وعلى الرغم من ريادة شاكر الحلبي الموسيقية، يتم تغييبه عن البحوث والدراسات التوثيقية, حتى إن الدمشقي أبو خليل القباني والحلبي علي الدرويش، غالباً ما يتم تجاهلهما، في سياق حديث الصحافة المصرية، عن تاريخ تطور الموسيقا والمسرح الغنائي العربي.
بالرغم من أن محمد عبد الوهاب، كان يحضر في بداياته, من القاهرة إلى حلب، ويبحث عن اسطوانات رموز الموسيقا والغناء الحلبي، والتي جعلت من حلب، عاصمة للطرب الأصيل والفن الراقي، وكان يحمل معه هذه الكنوز النادرة، ثم يسمعها في سهراته الطويلة، ويستوحي منها ألحانه, بعد أن يجعلها تتلاءم مع مناخ وروح العصر.
لاسيما وأن عبد الوهاب اشتهر بالاقتباس، والاستفادة من ألحان الآخرين، ومن يضع على محرك البحث في «اليوتيوب» عبارة «عندك بحرية ياريس بصوت إيليا بيضا» سيظهر له اللحن الأصلي القديم, الذي أقتبسه محمد عبد الوهاب حرفياً، وقدمه لوديع الصافي، لأنه لم يستطع منافسة لحن (على الله تعود) الذي ارتجله فريد الأطرش وأداه وديع الصافي.
وفي هذا الصدد نشير أن كلمات أغنية «عدت يايوم مولدي» لكامل الشناوي, بقيت عند عبد الوهاب خمس سنوات، ولم يتمكن من تلحينها، فسحبها منه الشناوي, وقدمها لفريد الأطرش، الذي برع في تلحينها وأداها بفيض احاسيسه الصادقة والمعبرة عن حالته النفسية العميقة.
أديب مخزوم
التاريخ: الأحد 4-11-2018
الرقم: 16827