لعل العامل القوي الذي جمع مواقف النقابات الصحفية في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر هو التشارك والتداخل في تاريخ طويل، تتمايز فاعلياته فتتوافق أو تختلف وتلتقي أو تتنافر وتتعاون أو تتآمر وتقيم سلاماً أو تحارب بعضها الأمر الذي شكل ثقافات وعادات متقاربة إلى حد كبير ما دفع بعض الصحفيين المشاركين في الاجتماع الحواري للاعتقاد أن أصولهم الوراثية تتداخل إلى حد بعيد بحيث يقول البعض إن لهم نفس الأجداد، وفي ذلك الكثير من الصحة، فما الذي يدعوهم لذلك الاعتقاد؟
وهل يعني ذلك أن بإمكانهم فعل شيء إيجابي في عالم الضغط الأميركي غير المسبوق، وفي فترة استقواء الغرب الاستعماري وتقديم قراءات جديدة هدفها تزوير التاريخ.
المؤكد أن الصحفيين الذين اجتمعوا بدعوة من اتحاد الصحفيين في أثينا اليونانية تحت مظلة الاتحاد الدولي للصحفين يجمعون كلهم على دعم القضية الفلسطينية من جانب ومعاداة الصهيونية من جانب آخر، لذلك فإن العوامل التي تجمعهم أقوى من عوامل الافتراق السياسي لبعض الحكومات، فيرون بعضهم متوافقين بشأن جميع هموم المهنة، فضلاً عن التوافقات في الرؤى السياسية والعقائدية المتأصلة.
اللافت أن التباين ما بين المواقف السياسي الرسمي لحكومة اليونان يبتعد كثيراً عن مواقف المثقفين وكثير من السياسين، فالمحامون والقانونيون والصحفيون قدموا صورة دقيقة وصادقة لحقيقة اللجوء عبر اليونان وقدموا شروحات وإحاطات تقترب من دقة توصيف الحالة السورية، فرئيس الجمهورية اليونانية تمنى السلام لسورية لكنه لم يجب على التساؤل عن عدم مسير الحكومة وفق رؤية ورغبة المواطنين اليونانيين المشهود لهم بحسن التعامل مع اللاجئين وهم يدركون حقيقة التحامل الأوروبي الاستعماري والأميركي على سورية وأن العقوبات الغربية المفروضة إنما هي عقوبات على الشعب للتأثير في قدرته على التمسك بمواقفه المبدئية.
إنها الحرب بين محوري الاستعمار ومواجهته في العالم كله يضطلع صحفيو العالم الملتزمين بكشف تفاصيل مشاريعها واتحادهم يمثل نقطة بداية تحقيق الانتصار المشترك، وهو قريب.
مصطفى المقداد
التاريخ: الأثنين 12-11-2018
رقم العدد : 16834
التالي