بين جوع و تخمة

قهرها جوع لم يشفق على سنوات قاربت شيخوخة ، فاجتاح النحول قامتها لتبدو كهيكل عظمي قابل للكسر ، بينما ازدادت تجاعيدها عمقاً لتروي قصة مأساوية لمسنة ألقاها الفقر في أتون جوع ، بحثت ملياً في بيت مونتها فأفجعها هجران الزاد لغلاء فتك بجيوب الفقراء ، في حين أعلنت عصافير البطن العصيان لجوع غير رحيم ألم بجدران أمعاء ، فغادرت دارها الخاوية ذات يوم جمعة باكراً ، لتقيم مائدتها العامرة على فتات الآخرين ، مما تم إلقاؤه في حاوية قمامة ركنت على جانب رصيف دمشقي حائر بين «بطران» و جائع .
استوقفني مشهد تلك المرأة و هي غارقة ولم تعر انتباهاً لي و أنا الواقفة بالقرب منها كشاهد عيان على مأساة فقر ، ما زالت تروي فصولها المرة على خشبة حياتنا .
على الضفة الأخرى تتلون الأطباق ، وتسبح في بركان من دسم و تحشر اللحوم و الأسماك في الثلاجة إلى ذروة تخمة ، بينما تعزف الرغبات معزوفاتها الصاخبة على موائد عامرة تصم آذان الجياع ، لينتهي المقام بالأطباق في حاوية قمامة ، في انتهاك صارخ لحرمة نعمة يفتقدها الكثيرون ، فالترشيد و التدبير ليس من استراتيجيات من ملكت أيمانهم المال .
بين نقيضي تخمة و جوع تصنف البطون ، و يمارس القهر فنونه القتالية المرة في يوميات من هجر المال جيوبهم بتأثير تداعيات غلاء أعقب أزمة ، بينما تراوح التكافل اجتماعي بين غياب أناني ، و حضور خجول لم يلامس حدود وأد جوع .
استوقفتني عبارة على واجهة أحد المحال التجارية وسط دمشق « سندويشة الفلافل ب 50 – 75 – هون أبو الدراويش» ، و في عرض أكثر إغراءً لمعدمي الحال وضعت يافطة صغيرة على واجهة محل لبيع الفطائر « الأكل لحد الشبع لمن لا يملك مالاً للشراء » ، ربما أحس البعض بوطأة الجوع ، و بضيق ذات يد ممن سحق لقمتهم تجار الأزمات ، و لكن يبقى للجوع حضور نخجل منه ، فلا نملك إلا أن نلعن من أيقظ الغلاء .

 منال السماك
التاريخ: الأحد 2-12-2018
الرقم: 16850

آخر الأخبار
أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان الدفاع المدني السوري.. استجابة شاملة لسلامة الأهالي خلال العيد دمشق منفتحة على التعاون مع "الطاقة الذرية" والوكالة مستعدة لتعاون نووي سلمي حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً قوانين التغيير.. هل تعزز جودة الحياة بالرضا والاستقرار..؟ المنتجات منتهية الصلاحية تحت المجهر... والمطالبة برقابة صارمة على الواردات الصين تدخل الاستثمار الصناعي في سوريا عبر عدرا وحسياء منغصات تعكر فرحة الأطفال والأهل بالعيد تسويق 564 طن قمح في درعا أردوغان: ستنعم سوريا بالسلام الدائم بدعم من الدول الشقيقة تعزيز معرفة ومهارات ٤٠٠ جامعي بالأمن السيبراني ضيافة العيد خجولة.. تجاوزات تشهدها الأسواق.. وحلويات البسطات أكثر رأفة عيد الأضحى في فرنسا.. عيد النصر السوري قراءة حقوقية في التدخل الإسرائيلي في سوريا ما بعد الأسد ومسؤولية الحكومة الانتقالية