لا يكفي الاحتفاء بفيروز، وتجاهل عباقرة الموسيقا والغناء الأفذاذ الآخرين، لاسيما وأن المتعارف عليه في عالمنا العربي، وبشهادة كبار نقاد الموسيقا بالترتيب التالي: محمد عبد الوهاب, أم كلثوم, فريد الأطرش، عبد الحليم حافظ.. أما الآخرون فكانوا ملحنين، رغم أنهم سجلوا بأصواتهم العديد من ألحانهم الشهيرة، وفي مقدمتهم: رياض السنباطي ومحمد الموجي وبليغ حمدي وكمال الطويل وسيد مكاوي وغيرهم.. مع الإشارة إلى أن عبد الوهاب، كان يقول عن وديع الصافي بأنه مطرب المطربين، وعبد الحليم حافظ حين سألوه عن وديع الصافي قال: «أنا لازم روح بيع ترمس بعد وديع», حتى عاصي الرحباني الذي صنع فيروز، مع شقيقه منصور، لا أحد يذكرهما، كما تمر ذكرى فيلمون وهبي بتجاهل وتعتيم, مع العلم أنه لحن لفيروز أجمل وأشهر أغانيها, وكان يصرح في أحاديثه الصحافية قائلاً: «معظم الناس يعتقدون أن ألحاني الشهيرة لفيروز هي للأخوين رحباني, والشيء نفسه يمكن أن نقوله عن زكي ناصيف».
وبين التقديس والتجاهل تبرز مساحات شاسعة ورحبة من الظلم والغبن والإجحاف بحق قادة الأنغام العذبة والساحرة والخالدة، صناع مناخ العصر الذهبي الموسيقي والغنائي، وفي ضوء هذا التجاهل والنكران نقول: يجب ان يكون التقييم والتقدير خارج إطار العواطف والانفعالات والأذواق الخاصة, فالأغاني الدسمة (وخاصة أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش ووديع الصافي وسواهم) تحتاج لحساسية سمعية وروحية عالية وراقية جداً، ولهذا السبب تمر ذكرى ولادة ورحيل عباقرة النغم والغناء(باستثناء فيروز) بتعتيم وتجاهل، بسبب سطحية الذوق العام وانحداره وانعدامه في أحيان كثيرة. وفي كل الأحوال تمكنت فيروز، في ذكرى ولادتها، من توحيد الناس في عالمنا العربي, وبالطبع هذا أفضل بمليون مرة, من أن يتوحدوا على فتاوى التكفير، التي تضع الغناء والموسيقا والرسم والنحت في خانة التحريم.
facebook.com adib.makhzoum
أديب مخزوم
التاريخ: الأحد 2-12-2018
الرقم: 16850