تحت الضغط الشعبي الفرنسي رضخت الحكومة الفرنسية أمس لمطالب الاحتجاجات التي قادها أصحاب السترات الصفراء الذين أفزعوا الحكومات الأوروبية التي بدأت تتحسب لامتداد تلك الاحتجاجات، والمحتمل أن تشمل القارة العجوز بكاملها، خاصة وأن بلجيكا وهولندا على موعد مع تلك الاحتجاجات يوم السبت القادم.
حركة «السترات الصفراء» التي ضمت مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية بفرنسا واجهت بقوة سياسات الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون العبثية الداخلية والخارجية على السواء، وأخطاؤه الجسيمة قوبلت بمواجهة حادة حولت أجزاء من فرنسا إلى ساحة حرب حقيقية مع هبوط شعبيته إلى أقل من 30 بالمئة، ولم يتراجع تعاطف الفرنسيين مع الحركة منذ الأيام الأولى للأحداث في 24 تشرين الثاني في باريس، ويبدو أن تلك الاحتجاجات بدأت تؤتي أوكلها اليوم.
رئيس الوزراء الفرنسي أعلن في هذا السياق تعليق 3 إجراءات مالية لمدة 6 أشهر، على رأسها قرار فرض ضرائب جديدة على الوقود.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب في مؤتمر صحفي بثّ على الهواء مباشرة أمس: القرارات المتخذة بتجميد الإجراءات الضريبية يجب أن تسمح لنا ببدء الحوار وتهدئة الأوضاع.
وأضاف: المشاورات القادمة يجب أن تكون وطنية، وتجمع ممثلين عن كل الطبقات الفرنسية.
كما لفت رئيس الوزراء الفرنسي إلى أنه لن يتم رفع أسعار الكهرباء والغاز خلال الشتاء الحالي.
وختم قائلا: لا ضريبة تستحق أن تضع وحدة البلاد في خطر، ومن أجل تهدئة الأوضاع قررنا اتخاذ ثلاثة إجراءات ضريبية، وهي تجميد زيادة الضرائب على الوقود لمدة ستة أشهر، الامتناع عن رفع أسعار الغاز والكهرباء خلال فصل الشتاء، وأخيرا تجميد التحكم الفني على السيارات.
ولكن في نفس الوقت توعد رئيس الوزراء الفرنسي معاقبة كل من قام بأعمال الشغب، ليظهر بذلك الوجه الحقيقي للحكومات الغربية التي تدعي حرصها على حقوق الإنسان، وتحترم رأيه في التعبير.
وقد حكمت محكمة فرنسية بالفعل أمس على متظاهرين اثنين من حركة (السترات الصفراء) بالسجن ثلاثة أشهر بعد توقيفهما خلال مظاهرات السبت الماضي بوسط فرنسا.
وقال مصدر فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية: إن المحكمة حكمت على أحد الموقوفين بالسجن 12 شهرا مع وقف النفاذ لـ 9 أشهر منها فيما حكمت على الثاني بالسجن ستة أشهر مع وقف النفاذ لثلاثة منها وذلك بحجة ارتكاب أعمال عنف، مشيرا إلى أنه تم إيداع محتج ثالث السجن إلى حين محاكمته في السابع من كانون الثاني المقبل.
وكانت السلطات الفرنسية واجهت بالقمع الشديد الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مختلف المناطق الفرنسية منذ السابع عشر من الشهر الماضي وشارك فيها عشرات الآلاف فيما أضحت تلك الاحتجاجات معضلة بالنسبة لـ ماكرون الذي أطلق كثيرا من الوعود والمبادرات منذ توليه الرئاسة في أيار عام 2017 لكنه لم يحقق منها شيئا.
وكان متظاهرون من أعضاء حركة «السترات الصفراء» الفرنسية قد انسحبوا من الاجتماع مع رئيس الوزراء الفرنسي.
ونقلت وسائل إعلام فرنسية عن متحدث باسم الحركة إعلانه رفض الحوار مع الحكومة لأسباب أمنية.
وقال بعض أعضاء الحركة إنهم تلقوا تهديدات بالقتل من متظاهرين متطرفين يحذرونهم من الدخول في مفاوضات مع الحكومة.
وكالات – الثورة
التاريخ: الأربعاء 5-12-2018
رقم العدد : 16853