في وقت سابق من العام الجاري، تحديداً في آذار منه كان لدى إدارة دونالد ترامب تَوجه بسحب القوات الأميركية المُحتلة من منطقة التنف، بل من كل المناطق التي تحتلها، وقد تم الإعلان عن ذلك، إلا أن مرور الوقت على التصريح الأميركي من دون أن يَجد أي اتجاهات للتنفيذ، كان كافياً وحده ليُؤكد أن الشكوك بدوافع التصريح، وبمصداقية ومُخططات واشنطن، كانت في مَحلها.
أميركا لا تتحرك إلا تحت الضغط، وحتى عندما تُرغم على اتخاذ قرارات صعبة تحت الضغط، فإنها تبحث عن تطوير لمَهمات قذرة تقوم بها قواتها، يُفسر ذلك التصريح الذي نُشير له، من أنّه صدر تحت الضغط، هدفه شراء الوقت، ومحاولة تدبر سبل أخرى لإدارة أذرعها الإرهابية الداعشية وسواها من الميليشيات الانفصالية التي تستخدمها استخداماً مُزدوجاً ومُتعدداً.
العالم بات يعرف ويرى بأم العين أن فلول الدواعش تتجمع وتجتمع اليوم فقط في الملاذات التي توفرها لهم واشنطن، في المناطق التي تحتلها وفي محيط شريط حدودي سوري عراقي أردني تتعمد العبث بها والإبقاء عليها بؤرة إرهابية نشطة لإثارة المشكلات ومنعاً لاحتمالات الاستقرار الذي لن يتحقق إلا بخروج قواتها المُحتلة ودحر بقايا التنظيمات الإرهابية التي تدعمها.
ما الذي تريده الولايات المتحدة من محاولة الإمساك والتلاعب بورقتي داعش والميليشيات الانفصالية، سوى أنها تُصر على إنكار هزيمة مشروعها، وسوى أنها تَستميت لتحصيل مَكاسب سياسية عجزت عن تحقيقها في أوقات كانت تَسترخي فيها اطمئناناً للنتائج، نظراً لكَثرة الأدوات الإقليمية والدولية التي كانت تُساعدها وتَنخرط معها في المشروع؟!.
لقد استمع العالم إلى التصريحات الأميركية الأخرى التي جعلت قرار الانسحاب مَشروطاً، أولاً: ليس قبل إلحاق الهزيمة الكاملة بتنظيم داعش، ثانياً: ليس قبل خروج القوات الإيرانية المزعومة، ثالثاً: ليس قبل انتهاء عملية سياسية في سورية، ما زالت واشنطن ومعسكر العدوان الذي تقوده تحلم بها وتتوهمها!.
السؤال الذي ينبغي للبنتاغون أن يَسأله، ومعه ودوائر البيت الأبيض والخارجية، هو: هل هناك ما يجعل النتيجة مُختلفة وقد تمّ رفع هذه الأهداف غير مرّة منذ بداية الحرب والعدوان على سورية؟ ألم تُوضع – قبل أن تتبخر – ذات الأهداف في كل مرّة كان الجيش العربي السوري وحلفاؤه يُسجلون فيها الانتصارات على قوى العدوان وأذرعه الإرهابية؟ في حلب، في الجنوب، في الغوطة، في كل اتجاه وآخرها بادية السويداء؟.
المهمّة القذرة انتهت، ولا يُمكن تطويرها مهما امتلك العقل الأميركي من قُدرات مُتفوقة بقذارة التخطيط والرسم الاستراتيجي والتكتيكي، يجب على إدارة ترامب أن تُدرك أبعاد الهزيمة، والتداعيات الخطيرة لمُحاولة اللعب في ربع الساعة الأخير ليس عليها فقط وإنما على حلفائها من باريس إلى بروكسل ولندن، وعلى أدواتها الرخيصة من أنقرة إلى الدوحة والرياض!.
علي نصر الله
التاريخ: الأثنين 17-12-2018
رقم العدد : 16862
السابق
التالي