قال ترامب على عجل و بلا وجل حان الوقت لعودة جنوده من سورية مذيلاً قراره بعبارة (بعد هزيمة داعش) التي صنعتها دوائر الاستخبارات الأطلسية لتكون عنواناً لفزّاعة القرن الحادي والعشرين وذريعة للتدخل في شؤون الدول.
فما الذي يظهره الطّوق وتُخفيه العمامة؟ لا جدول زمنياً واضحاً للانسحاب حتى الآن وكلام المسؤولين الأميركيين يشير إلى أنه سيستغرق أربعة أشهر وهو مجرد ضجة، والسؤال الذي لا إجابة عليه لدى الإدارة الأميركية: ما دام التحالف الغربي يزعم أنه (حرر الأراضي التي يسيطر عليها داعش) فما مصلحته في تحريرها والانسحاب عبثاً، ولماذا يقولون إن الحملة ضد داعش لم تنته بعد رغم قرار الانسحاب؟
الفعل والأقوال الأميركية كلاهما يصب في خانة العدوان على سورية، وأربعة أشهر لإتمام الانسحاب كافية للعدول عنه قبل أن تنتهي، ومضيعة الوقت تخفي طياتها خطة جديدة للعدوان، فالسياسة الأميركية (المفخخة) إن لم تتلق في الميدان خسائر جمّة فلن يفكر واضعوها بسحب قوات، وأميركا لم تخسر قوات لها بعد في سورية، كما في فيتنام أو لبنان أو العراق عندما كان الجندي الأميركي يعود إلى وطنه محملاً بالتابوت.
لا شك أن سورية انتصرت على الإرهاب ولكن الباطل الأميركي يجول جولته الأخيرة قبل انطلاق المقاومة السورية، وجل تصريحات حلفاء أميركا على القرار تدل بمفهوم المخالفة على دراية به وبأبعاده، فليست إسرائيل ممقوته منه كما أبدت، ولا قسد اللا(مطعونة) في ظهرها ولا عرقوبها ستخرج قدميها من الماء البارد وهي ترى حتى الساعة أن طيران التحالف جاهز ليضرب كل من يقف بوجهها من العرب السوريين في هجين وخاصة أن العرب السوريين هم الأغلبية في منطقة شرقي الفرات ، وأن التركي أردوغان على تنسيق تام مع ترامب، ولكن ربما الخطة بين تركيا وأميركا والأكراد وداعش لمواجهة محور المقاومة وغير ذلك يعني ضرب فكرة ملء الفراغ التي تقوم عليها سياسات الإدارات الأميركية.
فواشنطن لن تتخلى عن الطوق الذي يحيط بحقول النفط والغاز السوري في شرق الفرات إلا بالمقاومة. والحقيقة أن أميركا فعلاً لن تتخلى عن إسرائيل ولكن ستتخلى عنهم عندما تصل طلائع التوابيت إلى وطنها إن لم تنسحب، لذلك على عناصر قسد التي تعول على أميركا، وقد خانوا وطنهم بالوكالة أن يعودوا إلى رشدهم.. ولات ساعة مندم. فأميركا هي تتخلى عن عملائها وأصدقائها وهي التي تشن الحروب وتعقد الحلول السياسية في العالم، وهي وإرهابها اللذان يقتلان السوريين ولطالما أعلن بولتون وماتيس أن أميركا لن تغادر ما بقيت (إيران) خارج حدودها.
منير الموسى
التاريخ: الجمعة 21-12-2018
الرقم: 16866