رأى أرنولد توينبي المؤرخ البريطاني الأشهر أن التاريخ لم يعرف حالة عداء مشابهة للعداء العربي الصهيوني، ففي كل حالات الصراع التي عرفها العالم القديم والحديث كان المتقاتلون يجتمعون ويتفاوضون بطريقة مباشرة خلال المعارك أو بعدها، لكن العرب وحدهم في صراعهم مع الصهاينة خالفوا تلك القاعدة!؟
كان ذلك كلام مضى، والصهاينة أدركوا معناه العميق فبدؤوا حملتهم المنظمة والمخططة بدقة مستغلين قوة الإمبريالية العالمية والقوى الاستعمارية التاريخية لإحداث اختراق في الجسد العربي وقلب تلك الحقيقة التاريخية، وبالفعل فقد استطاعوا إحداث تلك الحالة حيث كان الحكام العرب لا يجرؤون على مخالفة مواقف المواطن العربي مهما كان مستوى ارتباطاتهم بالأميركيين أو الصهاينة أنفسهم.
أما اليوم فقد تغيرت الأوضاع وصار الصهاينة يحظون بحفاوة وترحاب في أكثر من عاصمة ومدينة عربية فهل يستمر هذا الحال طويلاً؟
المؤكد أن حقائق التاريخ لا يمكن الخروج منها، وأن الالتفاف عليها يمكن ان يعيش لفترة بغي محددة يراها البعض طويلة ويؤكد المنطق التاريخي أنها قصيرة، وبالتالي فإن مساعي بعض الحكومات العربية لخطب ود العدو الصهيوني لن تعمر طويلاً وسيأتي يوم قريب جداً محمولاً على صمود سورية وتضحيات بواسل جيشها وثبات شعبها ليعيد للتاريخ حقيقته المتأصلة في الصراع التناحري مع العدو الصهيوني واستعماره الاستيطاني.
مصطفى المقداد
التاريخ: الثلاثاء 8-1-2019
الرقم: 16879