عندما يقر الأعداء بنصر سورية، فهذا يؤكد يقيننا بالنصر الذي دفعنا ثمنه من خيرة شبابنا وأبنائنا، وأن الحرب التي استنزفت طاقات البلد بكل تفاصيله المادية والبشرية والمؤسساتية هي في فصلها الأخير، الذي يعد الفصل الأسهل، برغم الغموض الذي يبدو للبعض في مسار تشكله.
ليس عبثاً أن يتصدر صحيفة واشنطن بوست قبل أيام عنوان (2018 كان عام الرئيس السوري)، وليس غريباً أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبيل انقضاء عام 2018 قراره الانسحاب من سورية، فمسار النصر رسمته بندقية الجندي العربي السوري وخطّته قدماه على صفيح الحرب الساخن خلال سنواتها الثمان، وابواب السفارات التي استعادت نشاطها وحركة الطائرات الرئاسية عبر مطار دمشق الدولي، جميعها جاءت بتوقيع انتصار العزيمة والإرادة السورية.
فمن استعادة مطار أبو الضهور الاستراتيجي كقاعدة اسناد عملياتي اساسية في المنطقة الوسطى بداية العام 2018 إلى تطهير الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي والغربي والمنطقة الجنوبية وريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي وعلى مدى ثمانية أشهر، ارتسمت معالم النصر السوري الذي جعل الأعداء يبدلون أدواتهم وخططهم عشرات المرات إلى أن أيقنوا أن لا طائل من مواصلة الحرب ضد جيش يكسب المعركة تلو الأخرى وشعب تمرّس في الصمود والسيادة ليكون عام 2018 بحق «عام النصر السوري».
والسوريون يدركون جيداً أن الثمن الذي دفعوه غالياً لحماية وطنهم قد أثمر نصراً، وأن الوطن المنتصر مثخن بالجراح، لكن صبرهم على خبز يومهم وعلى جراح أدمتها أيد حقودة يكاد يصل خواتيمه، وأن المرحلة الصعبة تجاوزوها معاً ولم يبق سوى القليل ليستعيد السوريون الفرح الذي يليق بهم.
لا شك أن النصر السوري أعاد الدول المتورِّمة وتلك المتوهمة إلى حجمها وصوابها والقلة القليلة الباقية لا تعدو كونها قنبلة صوتية في ميدان القتال الحي، فجدران المقاطعة التي أشادتها بعض الدول العربية وغيرها حول سورية بدأت تنهار مع أول سفارة أعادت فتح أبوابها، وأوروبا تراجع سمت طريقها إلى دمشق فثمة سفارات تعيد تأهيل أبنيتها وأخرى تنتظر استطلاع الموقف والجميع يحجز دوره للعودة.
لم تعول سورية قط سوى على إرادة شعبها وثبات جيشها، وهي لم تكن ولن تكون مستعجلة لعودة من ناصبها العداء وتآمر ضدها وشارك الإرهابيين ورعاهم ومولهم وسلَّحهم في حربهم ضد الشعب السوري، لكن الأكيد أيضاً أنه لن يدخل إحدى بوابات دمشق الحدودية ومطاراتها إلا بشروط سورية وبما يخدم مصلحة شعبها ويحقق الهدف الأسمى لدماء الشهداء التي أريقت من أجل سيادة الوطن وعزته.
عبد الرحيم أحمد
التاريخ: الأربعاء 9-1-2019
رقم العدد : 16880