حين تتلطى فرنسا وراء داعش والذرائع الانسانية..!

عندما سئل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أمس الخميس عن الخطوات التي تعتزم القوات الفرنسية اعتمادها بعد الانسحاب الأميركي أجاب بأن الحل السياسي سيكون شرطاً مسبقاً للمغادرة الفرنسية، مع ركوبه لموجة محاربة داعش التي لم تهزم بالكامل حسب قوله، مع أن هزيمة داعش تمت على يد سورية وحلفائها ولا فضل لأحد آخر في ذلك، وإذا تعلق الأمر بفرنسا فإنها جزء من الذين دعموا الإرهاب بكل أنواعه في سورية، وهذا هو فحوى الدور الاستعماري التي تميزت به فرنسا في فترة الجمود الاقتصادي التي تسببت بها الحروب الأميركية.
ركوب الذريعة الداعشية جعلت السياسي الفرنسي لودريان لا ينسى أن (الأكراد كانوا أفضل الحلفاء) لفرنسا على الأرض، وأن الرحيل الأميركي سيضعهم أمام صعوبات، فالديك الفرنسي يريد النبش في مخلفات الذئب الأميركي إذا غادر، وتوعّد لودريان بإثارة القضية على المستوى الدولي، أي تريد فرنسا التحشيد لمؤازرتها في البقاء في سورية.
أما بشأن إدلب فمنذ 11 أيلول الماضي دافع لودريان في (تلفزيون بي أف إم الفرنسي) عن إرهابيي إدلب إضافة للخوذ البيضاء التي تعمل معهم، متذرعاً بأن طردهم من سورية من شأنه أن يعرض أوروبا للخطر، وهذا اعتراف فرنسي ضمني بأن من في إدلب هم إرهابيون يشكلون خطراً على أمن أوروبا، ضارباً بأمن سورية عرض الحائط، فلا بأس برأي دبلوماسي (الألف باء) أن تبقى المدن السورية مثل حماة واللاذقية وحلب معرضة للهجمات الإرهابية، ودون اقتراح أي حل آخر غير الوضع الراهن، أو ربما يقترح ضمنياً أن يقيم معتقلاً كبيراً للإرهابيين في سورية يكون موضع قدم لفرنسا في الشمال السوري، وصنع كيان لقيط تكفيري وٍعنصري على غرار إسرائيل.
لودريان، متلطياً وراء 3 أمور: داعش، والأكراد (والكارثة الإنسانية) بشأن إدلب، ومتدخلاً في شأن لا شأن له به، لم ينس في أيلول الماضي أن يتوّعد ويهدد بضربات جديدة لسورية إذا استُخدمت أسلحة كيميائية، (التي تفبركها الخوذ البيضاء بتعليمات غربية فرنسية بالتأكيد) وهو الذي هدد روسيا بالعزلة إن حدثت عملية عسكرية في إدلب ضد الإرهابيين الذين هم من ينفذ هجمات كيماوية من أجل إثارة رد فعل من جانب التحالف الغربي في حالة قيام الجيش السوري أو روسيا بتحرير جزء من التراب الوطني السوري من الإرهاب.
كلام لودريان ذات يوم عن إدلب هو بحد ذاته شروع بالعدوان بقوله إن سورية لديها الكثير لتخسره من المكاسب جراء الهجوم على إدلب.
فرنسا وتركيا الآن في رأس داعمي الإرهاب في سورية وتقدمان كل الدعم لما يسمى (جبهة التحرير الوطني) وهيئة ( تحرير الشام الإرهابية الفرع لتنظيم (القاعدة) واللتان اتفقتا على السيطرة الكاملة على محافظة إدلب. إنه إعلان يسلط مزيداً من الضوء على التواطؤ بين من (يسميهم الغرب معارضة) وبين الإرهابيين في جبهة (تحرير الشام) التي أعلنت في 10 كانون الثاني الجاري السيطرة على إدلب، وإنها الاقتتال بين مختلف الجماعات (الإرهابية) وكذلك ما يسمى الجيش الحر.
الموعد النهائي لتنفيذ الاتفاق الروسي التركي لإخلاء منطقة (إدلب) المنزوعة السلاح انتهى في 14 تشرين الأول الماضي، والجماعة الإرهابية الرئيسية (تحرير الشام)، رفضت إلقاء السلاح، بسبب الدعم الغربي والتركي والقطري لها، ولم يحرك الرئيس التركي الذي تعهد آنذاك بالقضاء على الجماعات الإرهابية ساكناً، بل على العكس انصب عليها الدعم الغربي عبر الحدود التركية وبمعرفة أردوغان.
وإضافة إلى خطر إرهابيي إدلب على الأمن الأوروبي الذي تحدث عنه لودريان، واعترافه الضمني بأن الجماعات في إدلب هي إرهابية وخطرة على أوروبا إن طردت من سورية، كانت هولندا قد أعلنت مسبقاً نهاية دعمها للخوذ البيضاء والإرهابيين، معترفة أنهم كانوا يتلقون تمويلاً من الحكومة الهولندية، وجاء في خطاب من مجلس النواب بالبرلمان الهولندي مؤرخ في 7 أيلول الماضي وقعه وزيرا الخارجية والتجارة (إن إمكانية تغيير الوضع بسرعة في سورية منخفضة للغاية) على خلفية انتصار سورية على الإرهاب، لأن مؤلفي النص قالوا: (النصر العسكري السوري بات وشيكاً. ووفقاً للنص، فإن الدعم الهولندي لمجموعات مختلفة يتوقف على الفور. فالخوذ البيضاء، التي تمولها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على وجه الخصوص، خرجت من رحم الإرهاب وتوفر غطاءً للجماعات الإرهابية التي شنت هجمات كيماوية بغرض اتهام الدولة السورية.
كما أظهر صحفيو التلفزيون الهولنديون أن ما يسمى الجيش الحر إضافة إلى جماعة مسلحة أخرى تلقيا مساعدة من هولندا رغم أن الجماعة المذكورة تعتبر إرهابية لدى المحاكم الهولندية. والسؤال المطروح إن كان معروفاً أن من في إدلب جماعات إرهابية باعتراف البرلمان الهولندي وباعتراف لودريان نفسه من خلال فكرة خطرهم على أوروبا، فمعروف كيف ظهرت عشرات من عناصر ما يسمى الجيش الحر السوري في الحدود الجزائرية الجنوبية مع مالي والنيجر، وهي رغبة فرنسية غربية بنقل قسم من الإرهاب إلى مناطق في الجزائر؟ إذ ليس هناك مجال للشك في أن الدافع من وصولهم إلى المغرب العربي ومنطقة الساحل هو قضايا جغرافية إستراتيجية، لإعادة توازن المصالح الغربية بل الفرنسية في المغرب العربي حيث العديد من المعادن التي توجد منافسة شرسة عليها.
وعند الكشف عن الطريق التي اتبعها هؤلاء العناصر الإرهابية للوصول إلى منطقة الساحل، قالت مصادر إنهم (نُقلوا جواً من تركيا، وتم إرسالهم إلى السودان حيث كان لديهم جوازات سفر سودانية مزيفة). وبعد ذلك ، قاموا بالرحلة إلى موريتانيا بالطائرة، وذهب البعض إلى مصر)، ثم انتقلوا إلى شمال مالي تحت حراسة جماعات إرهابية في مالي.
لودريان طبعاً مع إعادة انتشار الإرهابيين في بلدان المغرب العربي بعد هزيمتهم في سورية والعراق، والحقيقة أن شرط فرنسا المسبق للخروج من سورية هو لتنظيم خروج مرتزقتها الإرهابيين لتحريكهم ضد الجزائر ودول المغرب، وهم الذين يحذر منهم لودريان، وهم ذاتهم من نفذ اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني 2015 واعتداءات مطار بروكسل بمحطة مترو بلجيكية في 22 آذار 2018، لنشهد في كل مكان إرهابيين تحت الطلب، ولتمرير السياسات، ولشن الحروب.
اعترف البرلمان الهولندي أن سورية انتصرت قبل أشهر من قرار الانسحاب الأميركي، وأميركا ودول غربية حتى فرنسا تريد التكيف مع هذا الانتصار الذي يسعى المسؤولون الأميركيون إلى احتوائه وهو ما دلت عليه تحركات وزير الخارجية الأميركي الأخيرة، وربما تسعى دول الغرب إلى الانتقال إلى خطط العدوان الجديدة التي كان منوياً تنفيذها بعد التخلص من سورية التي فشلوا فيها، والاتجاه نحو بلدان أخرى للاعتداء عليها.

منير الموسى
التاريخ: الجمعة 11-1-2019
الرقم: 16882

 

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم