تم تخصيص بلدة -بلودان -الجبلية (ترتفع ١٥٠٠م) عن سطح البحر في محافظة ريف دمشق بـ ٨٥٠٠ شجيرة بمناسبة عيد الشجرة. سألت د. حسان فارس مدير الحراج في وزارة الزراعة عن أصناف تلك الأشجار، فذكر أنها تحتوي على اللزاب والأرز والشوح والصنوبر الثمري. لفت انتباهي احتواء ذاك التشجير على شجيرة اللزاب، فهي شجرة نادرة وفِي طريقها إلى الاندثار. وكنا أقمنا لها محمية في بلدة عسال الورد في القلمون الغربي -محافظة ريف دمشق- قبل الحرب الضروس على سورية لكن الإرهاب المتوحش لم يوفرها وعاث فيها فساداً. تمتاز شجرة اللزاب بأنها تماثل شجرة الأرز في الشكل لكنها تتفوق عليها في الكبر ومتانة خشبها وصلاحيته لصناعة القوارب والسفن والأثاث الخشب، لكن مشكلتنا مع اللزاب تكمن في الصيد الجائر…!
يقول الدكتور أكرم درويش الخبير العالمي في التنوع الحيوي إن بذرة شجرة اللزاب لا تنتش في الطبيعة لتعطي شجرة جديدة إلا إذا أكلها طائر السمان ودخلت أمعاءه وأفرز عليها عصارته المعوية لتخرج منه إلى التراب قابلة للحياة…! جربوا إنتاشها في المخبر فكانت نسبة النمو ٤% فقط. وكلما تشددنا في منع الصيد الجائر خدمنا التنوع الحيوي وهو أساس البيئة السليمة، وأكثرنا من أشجار اللزاب الثمينة التي اندثرت عالمياً ولَم تعد موجودة إلا في مناطق محدودة من العالم: المغرب -روسيا- سورية.
تنص خطة التشجير في سورية للعام الحالي، على غرس ٣٠٠٠ هكتار بالشجيرات الحراجية وترميم المساحات المحترقة واليابسة ليصل عدد الغراس إلى أربعة ملايين غرسة صحيح أننا نحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير بعدما فقدنا جزءاً كبيراً من غاباتنا على يد الإرهابيين وعشاق المال الحرام، ولو على حساب كائنات حية اسمها الأشجار، تعمل على تثبيت التربة وتحمي الأحواض المائية (٧٥% من مياه الكرة الأرضيّة تحت الغابات، وتنفث الأوكسجين الذي من دونه نموت، فهو العنصر الأساسي في الهواء (كل هكتار من الشجر يطلق ١٨ طناً من الأوكسجين في السنة، وينقي الطبيعة من ٢١ طناً من الغازات السامة وعلى رأسها ثاني أوكسيد الكربون -غاز الاحتباس الحراري والأمراض الرئوية). وعشاق المال الحرام في نمو تحت ستار المشاريع التجارية وبالاعتماد على تقارير كاذبة عن أشجار يجب التخلص منها بصفتها يابسة…!! أشار بحث علمي سوري أنه من أصل ٢٠٠٠ كم٢ من الأبنية التي شيدت ما بين العام ٢٠٠٠ والعام ٢٠١٥ تم بناء ١٧٠٠كم٢ من تلك الأبنية على الأراضي الزراعية، وهذا الرقم ناقوس خطر كبير للتحذير من أي مساس بعد الآن ولو بشجرة واحدة. شكراً للزراعة والحراج والبحث العلمي لدورهم البيئي المميز إذ لا بيئة سليمة دون اللون الأخضر الجميل.
أروقة محلية
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 17-1-2019
رقم العدد : 16887
السابق
التالي