ثورة أون لاين – علي نصر الله :
كما كان مُتوقعاً أعلنت إدارة دونالد ترامب انسحابها من معاهدة الصواريخ المتوسطة وبعيدة المدى، في خطوة حمقاء مُوجهة ضد روسيا مباشرة، تحت ذرائع لم تُقدم أي دليل يَدعم اتهاماتها لموسكو من أنّها انتهكت المعاهدة منذ سنوات طويلة!.
رغم مُطالبة موسكو واشنطن غير مرّة بتوضيح موقفها والإعلان عن الانتهاكات المَزعومة التي وَقَعَت، إلا أنّ الأخيرة لم تُشر إلى أيّ انتهاك، لم تُسمه، ولم تُكرر سوى اتهاماتها في تصريحات تافهة وتغريدات أكثر تفاهة لا مَضامين حقيقية فيها سوى الاتهامات غير المُوثقة.
الرد الروسي الذي لم يتأخر، أتى مُزدوجاً: تَجميد مشاركة روسيا بالمعاهدة المذكورة، والإعلان عن تطوير صاروخ صوتي أرضي متوسط المدى، ذلك في خطوة ردعية حكيمة تحمل رسائل حازمة للناتو، وللولايات المتحدة التي تتجه لمزيد من الغطرسة والتجاوز على القوانين قبل الاتفاقات والمعاهدات الدولية.
موقف حلف الناتو المُؤيد لواشنطن والتابع لها، في الحقيقة أتى مُنسجماً مع ما هو مُتوقع منه، وهو الأداة الأميركية التي تَستفز منذ سنوات روسيا، مرّة بمحاولة التمدد، وأخرى باتجاه تسخين الأجواء وتهديد موسكو، ودائماً بمحاولة جعل الدرع الصاروخية الأميركية على تخومها تهديداً دائماً فضلاً عن التحرشات العسكرية غير المقبولة.
موقف أوروبا، القارة العجوز من أنها تَرفض أن تكون ساحة مواجهة بين موسكو وواشنطن، صحيحٌ أنه يعكس حالة الخوف والقلق، لكنه الموقف الذي يَتأسس على قاعدة هشة، سيبقى بلا معنى ولا أثر طالما بقيت تابعاً ذليلاً للولايات المتحدة سواء من خلال عضويتها بالناتو، أم من خلال ذوبان سياساتها في السياسة الأميركية المُتغطرسة التي لا تُوفر حتى أعضاء الناتو الكبار، والمؤسسين في النادي الأوروبي من غطرستها!.
صفيحٌ ساخن، وأجواء حرب كبرى، وتوترٌ دولي يتسع، هو حال الساحة العالمية، والسبب المباشر سياسات الولايات المتحدة، نفاقها وأطماعها، وعدم احترامها لأي مُحددات قانونية أو أخلاقية سبق وقد وقعت عليها، فالانسحاب الأميركي خلال سنتين من ولاية ترامب صار نهجاً، راجعوا الانسحابات الحاصلة.. الاتفاق النووي الإيراني، الحوار عبر الهادئ..
آخر تصريح لوزير الخارجية الأميركي الذي أشار فيه – كذباً – إلى أنّ عدم التزام روسيا بمعاهدة القوى النووية سيَجعل المعاهدة بحكم اللاغية، هو صبٌ للنار على ادّعاء لا أساس له يُراد النفخ فيه لإشعال فتيل لا تبدو الولايات المتحدة جاهزة لإشعاله، ولا يَحتاجه العالم بكل الحالات.
إلى أين تَمضي واشنطن؟ ما الذي تُخطط له في تَعاطيها الأحمق مع قضايا الشرق الأقصى، والأوسط، مع روسيا وأوروبا ودول أميركا اللاتينية؟ كل ما تقوم به يُوحي بإرادة التصعيد والتفجير .. استقالَ العُقلاء، إنها فرصة بولتون للعبث!.