كما كل سيناريوهات ارتفاعات سعر الصرف المكررة التي شهدناها خلال سنوات الحرب على بلدنا بليلة وضحاها يقفز الدولار ليتجاوز الـ 500 ليرة وتقفز معه قلوب الناس خوفاً وترقباً من ارتفاعات متزايدة في أسعار السلع والمواد على اختلاف أنواعها دائماً ما ينفذها لهم على الأرض بسرعة رهيبة تجار سوق المواد والصرف المتربصين لأي ثغرة تفتح لهم هنا أو هناك ليحصلوا على أكبر قدر ممكن من المكاسب.
ولأن الصمت غالباً ما يكون سيد الموقف من الجهات المعنية تجاه هذه الارتفاعات غير المفهومة تتزايد الشائعات ويترك المواطن تحت رحمة لعبة أتقنها جيداً المتاجرون بحياة ومعيشة الناس وما يزيد الطين بلة تلك التصريحات غير المسؤولة من المسؤولين في وزارة (حماية المستهلك) المؤكدة بأن نشرة أسعار مختلف السلع والمواد الأساسية ثابتة ولا تغيير فيها في وقت كانت لائحة الأسعار في السوق تتغير بشكل شبه يومي.
صحيح أن مرحلة الصمت وعدم تدخل الجهات المالية والمصرفية كانت قصيرة هذه المرة مقارنة بما كان يحصل في أوقات سابقة وبادر المصرف المركزي بتوجيه حكومي بسلسلة إجراءات تركت أثرها على حركة السعر في السوق السوداء وخفضت سعر صرف الدولار قليلاً إلا أن هذا لا يبرر التقصير الذي حصل من الجهات التنفيذية للتدخل السريع والمؤثر لفرملة الارتفاعات المتصاعدة للدولار والتوجيه لوزارة التجارة الداخلية باستنفار كامل طاقاتها وحتى الاستعانة بدعم وزارات أخرى للإحاطة بحركة تداول وأسعار المواد والسلع الأساسية بالأسواق واتخاذ أشد العقوبات بحق المخالفين.
ويبقى الأهم أن تلك الرسائل المطمئنة والداعمة والمعززة لثقة المواطن بقدرة أجهزته التنفيذية والمصرفية والنقدية على التعامل بالوقت المناسب والقرار الصائب مع مثل هذه الهزات أو أي حالات طارئة هدفها الأول والأخير زيادة تصدع جسر هذه العلاقة لم تصل كما العادة وإن وصلت فهي متأخرة ولا تقدم شرحاً شفافاً وصريحاً عن أسباب الارتفاع وحتى التراجع فيه ليترك الشارع السوري وحيداً لمواجهة كم هائل من الرسائل المضادة والموجهة والمغرضة يكون لها التأثير الأكبر على حياته ومعيشته والدليل تحقيق أهدافها بكل مرة دون أي معوقات.
امتلاك عوامل وأدوات التصدي والتفوق على المنفذين لأهداف دول عملت ولا تزال على تدمير اقتصادنا والنيل من صمود شعبنا ممكنة وتحتاج فقط لمن يعرف جيداً استثمارها وتوظيفها في مكانها وتوقيتها المناسبين مع ضمانة تحقيقها لأهدافها وأهمها كسب ثقة المواطن ودعمه.
الكنـــــز
هناء ديب
التاريخ: الخميس 7-2-2019
رقم العدد : 16904
السابق
التالي